مقدمة:
مشاعر الخوف هي من المشاعر الطبيعية التي يمر فيها كل فرد ويختبرها في مواقف حياته مختلفة، ولكن عندما تزيد درجة الخوف من الحد الطبيعي إلى حد الهلع المترافق مع نوبات الهلع، وفي حال تكرار ظهوره هذه النوبات لمدة معينة تتطور إلى اضطراب نفسي وبالتحديد اضطراب الهلع، ويوضح المقال التالي معنى نوبات واضطراب الهلع.
اضطراب الهلع Panic Disorder (العطاس، 2022:60)
اضطراب الهلع يتميز بتكرر نوبات هلعية، وهذه النوبات هي عبارة عن خوف شديد مفاجئ، إنه مشاعر رعب وحالة ذعر تستمر لدقائق (أقل من نصف ساعة)، ويصاحبها عادة أعراض أكثرها جسمية كسرعة دقات القلب وألم في الصدر.
هذه النوبات عادة تأتي بشكل متكرر ومفاجئ من دون سابق إنذار أو سبب أو مثير حين حدوثها (فقد تأتي نوبات ليلية، وهي تلك التي تأتي والشخص نائم أو مسترخٍ) إلا أنها قد تأتي بمحفز أو سبب مثل وقت دخول جسر أو حشد بين الناس.
وخاصية هذا الاضطراب أمران:
1. وجود النوبات الهلعة.
2. وجود قلق من هذه النوبات أو من نتائجها، والذي قد يؤدي إلى سلوكيات مرتبطة بذلك الخوف كمحاولات للسيطرة عليها.
ويختلف الناس من حيث الإصابة به فالمتوسط هو نوبة واحدة في الأسبوع لعدة أشهر، وهناك من تصيبهم نوبات قصيرة بشكل يومي تفصلها أسابيع أو أشهر من دون نوبات، وآخرون بتكرر أقل للنوبات (مثلاً نوبتان في الشهر) لمدة سنوات (DSM-5 2013: 209).
عادة يبدأ الاضطراب من سن العشرينات (Morrison 2014b:176)، وهو يصيب النساء أكثر من الرجال وتتراوح نسبة انتشاره 2-3 % في الدول الغربية (أمريكا والدول الأوربية) في السنة الواحدة بينما في الدول الأخرى غير الغربية فإنه بين 0.1-0.8 % (DSM-5 2013: 210)، وهناك كارثة من هذا الاضطراب وهو أن 25% منهم يكونون عاطلين عن العمل لأكثر من خمسة سنوات (Krieg وآخرون، 2016:354).
يندر لهذا الاضطراب أن يوجد في الشخص من دون وجود اضطراب آخر، وما بين 10 إلى 65% من أصحاب هذا الاضطراب يعانون من اضطراب الاكتئاب الرئيسي أيضاً، ثلثهم يبدأ الاكتئاب قبل اضطراب الهلع وثلثيهم إما أن يظهر الاضطرابين في نفس الوقت أو أن يسبق اضطراب الهلع الاكتئاب (Krieg وآخرون، 2016:356)
معايير تشخيص اضطراب الهلع: (DSM-5-TR، ص167-169)
تم إدراج اضطراب الهلع حسب معايير DSM-5-TR في باب اضطرابات القلق تحت رمز (F41.0) ولتشخيص هذا الاضطراب وردت المعايير التالية:
A- نوبات هلع متكررة غير متوقعة. هجمة الهلع هي اندفاع مفاجئ للخوف الشديد أو الانزعاج الشديد والتي تصل الذروة في غضون دقائق، وخلال هذا الوقت تحدث أربعة (أو أكثر) من الأعراض التالية:
ملاحظة: يمكن أن يحدث الاندفاع المفاجئ من حالة هدوء أو حالة قلق.
1. خفقان، دقات القلب الشديدة، أو تزايد سرعة القلب.
2. تعرّق.
3. ارتعاش أو ارتجاف.
4. أحاسيس بقصر النفس أو الاختناق.
5. شعور بالغَصَص.
6. ألم أو انزعاج صدري.
7. غثيان أو تلبك في البطن.
8. الإحساس بالدوار أو عدم الثبات أو خفة الرأس أو الإغماء.
9. قشعريرة أو أحاسيس بالحرارة.
10. مذل أو تشوش الحس (إحساسات بالتنميل أو بالوخز).
11. تبدد الواقع (إحساسات باللاواقعية) أو تبدد الشخصية (أن يكون الشخص منفصلاً عن ذاته).
12. خوف من فقدان السيطرة أو الجنون.
13. خوف من الموت.
ملاحظة: قد تشاهد أعراض ثقافية محددة (مثلاً، طنين، آلام الرقبة والصداع والصراخ أو البكاء الخارجة عن السيطرة). لا ينبغي أن نعتبر مثل هذه الأعراض أحد الأعراض الأربعة المطلوبة.
B- واحدة على الأقل من الهجمات تلاها شهر (أو أكثر) لأحد أو لكلاً مما يلي:
1. قلق مستمر أو خوف حول هجمات إضافية من الهلع أو حول عواقبها (مثلاً، فقدان السيطرة الإصابة بنوبة قلبية، "يصبح مجنوناً").
2. تغير كبير لسوء سلوك التكيف على صلة بهجمات الهلع (مثلاً، السلوكيات تهدف إلى تجنب حصول نوبات الهلع، مثل تجنب الحالات غير المألوفة).
C- لا يُعزى الاضطراب للتأثيرات الفيزيولوجية لمادة (مثلاً، إساءة استخدام عقار، دواء) أو لحالة طبية أخرى (مثلاً، فرط نشاط الدرق، واضطرابات قلبية رئوية).
D- لا يُفسّر الاضطراب بشكل أفضل بمرض عقلي آخر، (مثلاً هجمات الهلع لا تحدث فقط كاستجابة للمواقف الاجتماعية المرهوبة، كما في اضطراب القلق الاجتماعي، وليس كاستجابة للأشياء أو الحالات المرهوبة المحددة، كما في الرهاب النوعي، وليس استجابة للوساوس، كما في الوسواس القهري، وليس كاستجابة لما يذكّر بالأحداث المؤلمة، كما في اضطراب الكرب ما بعد الصدمة، وليس كاستجابة للانفصال عن شخص متعلق به، كما في اضطراب قلق الانفاصال).
شرح المعايير: (العطاس، 2022: ص62-63)
يتميز اضطراب الهلع بأنه عبارة عن نوبات هلعية شديدة متكررة تأتي فجأة دون سابق إنذار معين (المعيار A)، وكلمة "متكررة" يعود الى تكرار المفاجأة لهذه النوبة (DSM-5 2013: 209)، فقد تأتي بعد محفز لها ولكن وجود النوبات المتوقعة أو المرتبطة بموقف لا ينفي التعريف الأساسي لاضطراب الهلع الذي يعتمد على وجود نوبات مفاجأة وغير متوقعة بشكل متكرر، وهذه النوبات المتكررة تأخذ النوبة الواحدة منها عدة دقائق من الخوف الشديد أو على الأقل ضيق شديد جدا، وخلال هذه الدقائق (والتي تقل عن نصف ساعة) ينبغي توفر 4 أعراض أو أكثر من 13 عرضا، منها 11 عرض جسمي، والعرضان الاثنان الآخران هما معرفيان (DSM-5 2013:214)، ولا يشترط أن تتوفر الأعراض كاملة (أي 4 أعراض) لكل نوبة هلعية وإنما يكفي توفرها في نوبتين غير متوقعتين على الأقل (DSM-5 2013: 209)، "وعادة ما تظهر الأعراض بسرعة كبيرة وتصل الى ذروتها في خلال عشر دقائق." (Krieg وآخرون، 2016:353)
فالأعراض الجسمية هي: العرض الأول يتعلق بدقات القلب والتي قد تكون متسارعة أو مضطربة، والعرض الثاني تعرّق والثالث رعشة والرابع صعوبة في التنفس والخامس شعور بالاختناق والسادس مشاعر الألم أو الضيق في الصدر والسابع متعلق بمشاكل البطن كالشعور بالغثيان أو اضطراب المعدة، والثامن متعلق بالرأس كدوخة أو دوار، والتاسع متعلق بسطح الجلد كالشعور بالقشعريرة أو برودة أو حرارة، والعاشر بداخل الأعضاء من تنميل ووخز، والحادي عشر شاعر الانفصال أو الانشقاق كأن يشعر بأن ما حوله غير واقعي أو أن جسمه ليس بجسمه أو أن ذاته كأنه شخص آخر.
وأما الأعراض المعرفية فهي العرض الثاني عشر وهو الخوف من فقدان السيطرة أو الجنون والعرض الثالث عشر الخوف من الموت. وهذان العرضان هما عبارة عن قلق من نوبات الهلع.
المعيار B يبين بأن القلق من نوبات الهلع يستمر شهر على الأقل، فقد يقلق من أن تكون النوبات الهلعية بسبب مرض مهدد للحياة (كأمراض القلب، أو ورم دماغي خبيث بسبب الصداع) أو قلق اجتماعي بأن مثلاً الوقوع في الحرج بوقوع النوبات أمام الناس أو قلق من أن هذه النوبات سببها أنه أصبح مجنوناً أو فاقد السيطرة على نفسه أو أي قلق تسببه نوبات الهلع (DSM-5 2013: 209)، وهذا القلق المصاحب قد يؤدي إلى تغيرات سلوكية غير تكيفية، وهي محاولات بتقليلي النوبات الهلعية أو نتائجها مثل تجنب الإجهاد البدني أو إعادة جدولة الأعمال اليومية أو تقييد بعض الأنشطة الحياتية وتقليلها (والتي منها قد تكون تقييدات في النظام الغذائي)، وربما مع وجود رهاب الساح (فغالباً ما يشترك الاضطرابان) قد يتوقف عن ممارسة بعض الأعمال الهامة مثل ترك المنزل أو ترك استخدام وسائل المواصلات العامة والتسوق (DSM-5 2013: 209)، وهذا المعيار لا يقل أهمية عن المعيار A، فوجود المعيار B هو الذي يميز اضطراب الهلع عن مجرد وجود نوبات هلعية لا ترقَ لأن تصل الاضطراب الهلعي.
وبالنسبة للمعيار C فإن "جمع تفاصيل التاريخ الطبي مهم لتحديد وجود حالة طبية في الحاضر أو الماضي والتي قد تحدث فارقاً في تشخيص الدليل التشخيصي والاحصائي الخامس للاضطرابات." (Brown & Barlow 2014:5)
قائمة المراجع:
1. معايير DSM-5-TR، إعداد أنور الحمادي (2022)
2. هاشم العطاس (2022): شرح الدليل التشخيصي والاحصائي للاضطرابات النفسية الخامس (DSM-5)
3. Kring،Ann M.،Johnson ،Sheri L.،Neale،John M. ، وDavison،Gerald C. (2016). علم النفس المرضي: استنادا على الدليل التشخيصي الخامس. ترجمة: أمثال هادي الحويلة وفاطمة سلامة عياد وهناء شويخ وملك جاسم الرشيد ونادية الحمدان. مكتبة الأنجلو المصرية.
4. DSM-5 (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth
edition. Washington, DC: American Psychiatric Association
5. Brwon, Timothy A. & Barlow, David H. (2014). Anxiety and Related Disorders
Interview Schedule for DSM-5 (ADIS-5): Clinician Manual. New York, NY:
Oxford University Press.