الحزن والفقدان
الفقدان يعني وفاة شخص أو فقد شيء وهو تجربة شائعة فكل إنسان سيتعرض له في أوقات مختلفة من حياته، ويشيع حدوث الفقدان خلال أوقات الأزمات فكلما اتسع نطاق الأزمة زاد عدد من يحتمل تعرضهم لصور شتى من الفقدان.
· أنواع الفقدان:
هناك أنواع كثيرة من الفقدان المحتملة على امتداد حياة الانسان:
1- الفقدان البدني: مثل فقدان الصحة النفسية أو فقدان المهارات الحركية أو فقدان طرف أو عضو من الجسم (جراء وقوع حادث أو الإصابة بأحد الأمراض).
2- الفقدان الانفعالي: مثل فقدان تقدير الذات، فقدان الثقة والطمأنينة، فقدان الشعور بالسيطرة.
3- الفقدان الإدراكي: مثل فقدان الذاكرة، النطق، فقدان قدرة الإدراك البصري والمكاني.
4- الفقدان الاجتماعي: مثل فقدان شبكات الدعم، فقدان حرية التجمع وفقدان العلاقات الهامة.
5- الفقدان الروحي: مثل خسران الإيمان والاعتقاد، فقدان الأمل والقيم.
6- الفقدان البشري: فقد الأحبة أو أصحاب الأثر في حياة الإنسان.
7- الفقدان المادي: مثل فقدان الممتلكات.
8- الفقدان المالي: فقد الوظيفة وسبل العيش، فقد المدخرات، الدخل.
واعتماداً على طبيعة الفقدان وسياق حدوثة فقد يكون الفقدان مؤقتاً أو دائماً أو مستمراً لفترة طويلة، وقد يكون متوقعاً بشكل أو بآخر وربما مفاجئ تماماً.
غير أن القدرة على الاستعداد البدني والنفسي لأنواع معينة من الفقدان من شأنها تمكين المتأثرين من التعامل بصورة أفضل مع تبعات الفقدان، في المقابل نجد أن فقدان شيء قيّم أو شخص عزيز بشكل مفاجئ قد يصعّب على المتأثرين التأقلم مع هذا الأمر.
ولاشك أن فقدان الأحبة من أصعب التجارب وأكثرها إيلاماً في حياة الإنسان، فإن القدرة على بناء علاقات مفيدة قوية واستدامتها مع آخرين لهو من الأسس المطلوبة للتطور الفردي والعلاقات الاجتماعية منذ لحظة الميلاد.
وعند وفاة شخص نحن على ترابط معه تجتاح أنفسنا موجة قوية من العواطف وتتولد حالة من الكرب جراء فقدان الرباط الذي يجمعنا به، والمقصور بالرباط هو رابط عاطفي قوي دائم بين شخص وآخر على امتداد الزمان والمكان كما أنه مقوم أساسي من مقومات التطور العاطفي الصحي ومن مقومات بناء الصمود.
(الفقدان و الحزن ،دانيلا أوغلياستري، ص ٧، ٢٠٢٠)
· ردود الفعل الشائعة إزاء الفقدان:
قد يؤدي الفقدان إلى أنواع مختلفة من ردود الفعل إذ تختلف باختلاف العوامل المحيطة مثل طبيعة الفقدان وسياق حدوثه وعوامل الخطر وعوامل الحماية المؤثرة في تأقلم المتأثرين مع الفقدان، أي أن من يمر بالأزمات يواجه فيها حالات فقدان قوية قد ينتابه الكرب في أشد صور.
يمر الإنسان بالكرب في لحظة ما من حياته، والتوتر من ردود الفعل طبيعية عند مراجعة التحديات والصعاب حتى إنه قد ينطوي على تهديد لاتزاننا النفسي وسلامتنا، وسواءً أكان الخطر حقيقياً أو محسوساً فإن ردود الفعل تجاهه تأتي ضمن آلية دفاعية طبيعية تعيننا على التكيف مع التحدي الماثل أمامنا، كما أن الأزمات وحالات الفقدان الصعبة قد تثقل على المتأثرين إثقالاً تفقدهم توازنهم وهو ما قد يؤدي إلى ردود فعل شديدة جراء التوتر.
(الفقدان و الحزن ،دانيلا أوغلياستري ، ص ٩ ، ٢٠٢٠)
ومن أكثر ردود الفعل شيوعاً تجاه الفقدان الصعب مايلي:
1- ردود الفعل البدنية: آلام في الرأس والمعدة والظهر، الإرهاق، الأرق، ضيق التنفس وخفقان القلب.
2- ردود الفعل النفسية: ضعف التركيز، فقدان الإحساس بالوقت، ضعف القدرة على حل المشكلات.
3- ردود الفعل العاطفية: الصدمة، الحزن، الجزع، الغضب، الخوف، تبلد المشاعر، الشعور بالذنب والعجز.
4- ردود الفعل السلوكية: السلوك الخطر، معاقرة المواد المخدرة، زيادة العنف البدني أو اللفظي.
5- ردود الفعل التفاعلية المرتبطة بالتفاعل مع الآخرين: الانسحاب، العزلة، العدوانية والتبعية.
6- ردود الفعل الروحية: فقدان الغاية ومن الحياة وفقدان الأمل.
ردود الفعل المذكورة هي جزء من آليات تأقلمنا مع الفقدان، وكما توجد طرق كثيرة للتجاوب مع الأزمات والفقدان توجد طرق كثيرة أيضاً للتأقلم مع التأثيرات المترتبة عليها.
يميل الأشخاص عموماً إلى التأقلم بطريقتين مختلفتين، إما بمجابهة المصاعب أو باجتنابها بطريقة ما، أما مجابهة المشكلات والسعي إلى حلها فغالباً ما يسفر عن خفض مستويات التوتر وتيسير التكيف ومواصلة الحياة، في حين اجتناب مصدر التوتر لفترة مطولة فمن شأنها أن يفضي إلى ضغوط نفسية وبدنية طويلة الأمد.
المبادئ الخمسة الأساسية لتعزيز السلامة والعافية والنفسية الاجتماعية، يشعر المتأثر بالكارثة والأسى والفقدان بتحديات شديدة تعرقل التأقلم مع الكرب الذي يمر به وقد يتواكب ذلك مع التعرض لضعف عوامل الحماية الفردية والجماعية وإثقال شديد على الآليات الفاعلة، ومع ذلك فمن الممكن تقوية السلامة النفسية الاجتماعية وحمايتها لدى المتأثرين من خلال تعزيز المبادئ الخمسة الأساسية:
1- الشعور بالأمان
2- التهدئة
3- الكفاءة الذاتية والاجتماعية
4- الترابط الاجتماعي
5- الأمل
لقد أبرزت الكثير من التدخلات والبحوث النفسية الاجتماعية خلال السنوات الماضية أهمية تلك المبادئ باعتبارها أساسية للحماية.
(الفقدان و الحزن ،دانيلا أوغلياستري ، ص ١٣، ٢٠٢٠)
الحزن
الحزن عبارة عن استجابة طبيعية لحالات الفقدان الشديدة مثل فقد الأحبة والاستياء التي تعد محورية في حياة الإنسان.
الحزن عملية مؤلمة تعين المتأثرين على التأقلم مع الفقدان بمرور الوقت، ومن الطبيعي أن يضطر من يشعرون بالحزن إلى التأقلم مع العواطف الجديدة والمسيطرة عليهم وما يصاحبها من ظروف حياتية جديدة، وكما سلف فإن فقدان الأحبة قد يكون هو أصعب أنواع الفقدان وأكثر إيلاماً، فالحزن الناجم عن وفاة شخص نرتبط به ارتباطاً شديداً قد يتسبب بحالة من الكرب الشديد.
وفي مايلي بعض العواطف الأكثر شيوعاً أثناء الحزن على فقدان شخص عزيز:
ثمة عوامل كثيرة تؤثر في كيفية التعبير عن تلك المشاعر ووقت ظهورها ومن تلك العوامل شخصية الإنسان والموارد المتاحة له والأسرة والقيم الاجتماعية، سياق حدوث وفاة هذا الشخص العزيز ومدى توافر آليات الدعم.
إن التعافي من تجربة الحزن ليس بالعملية البسيطة التي تحدث بشكل متواصل أي أنه ليس من المتوقع تحسن الشخص الفاقد والمحزون بشكل متدرج وثابت بل تحتاج عمليه الحزن الى وقت.
وتنطوي تلك العملية على قبول الفقدان وتعلم كيفية التأقلم مع المشاعر السلبية وتعلم كيفية التأقلم مع التغيرات الناجمة عن الفقدان بالإضافة الى تعلم كيفية الاستمرار في الحياة.
(الفقدان و الحزن ،دانيلا أوغلياستري، ص ١٢ ، ٢٠٢٠)
· النموذج المزدوج لعملية التكيف:
يتيح النموذج المزدوج لعملية التكيف توضيحا مفيدا لمجريات عملية الحزن واستنادا لهذا النموذج تنطوي عملية الحزن على اثنين من العمليات العاطفية الاساسية عمليا متركزة حول الفقدان واخرى حول التعافي منه.
اثناء العملية المتمركزة حول الفقدان نقوم بالتعبير عن عملية الحزن من خلال عواطف شديدة فعندما تبدأ في إدراك حقيقة الفقدان ومواجهة عواطفنا فإننا نواجه عندئذ ما يسمى محفزات الضغط النفسي المرتبطة بالفقدان وتشمل تلك المحفزات:
الأفكار، المشاعر، السلوك، الذكريات التي تشعرنا بالاسى مما يجعل جل تركيزنا على الفقدان كمطالعه الصور القديمة واسترجاع الذكريات أو حتى استنشاق رائحة معروفه تذكرنا بالفقيد وتؤدي تلك المحفزات الى توريد عواطف قوية مثل الحزن الغضب الوحدة غير ان هذه العمليات تعيننا على مواجهة حقيقة فقدان والقبول بها.
أما العملية الثانية فهي العملية المتركزة حول التعافي وتتيح لنا التكيف مع مختلف العواقب الناجمة عن الفقدان في حياتنا واكتشاف الأدوار والمسؤوليات الجديدة، وقد يتخلل التكيف مع عواقب الفقدان ردود فعل مختلفة اذ تتراوح بين الجزع والخوف من عدم قدرتنا على التعامل مع الفراغ الناجم عن غياب هذا الشخص العزيز إلى الشعور بالسكينة والفخر باتخاذها خطوه شجاعة في قيامنا وحدنا بأنشطة اعتدنا على تنفيذها مع الفقيد.
قد تتراوح ردود الفعل المتمركزة حول التعافي بين القيام بأشياء عملية مثل الطهي وتنظيف المنزل وأوجه تكيف اخرى مثل القبول بتغيير الهوية الاجتماعية من زوجه الى ارمله او من زوج الى ارمل لأن التركيز على المهام اليومية كفيل بتحقيق ارتياح مؤقت من الاستنزاف العاطفي المرتبط بفقدان هذا الشخص العزيز فأحيانا قد يشعر الفاقد بان الفقيد ماثل امامه فيما يتعمد اجتناب الذكريات احيانا اخرى، او يصرف انتباهه الى امور اخرى او يسعى للحصول على الراحة من خلال التركيز في مجالات الحياة الاخرى.
الا ان العملية المزدوجة للتكيف ليست مسارا ً واضحا مستقيماً إذ يتخللها لحظات انتكاس وتقدم تعرف باسم التذبذب بين حالتي التمركز حول الفقدان والتمركز حول التعافي أثناء ممارسة الإنسان لحياته اليومية ومن المهم للفاقد ان يسعى الى تحقيق التوازن بين مواجهة العواطف الحادة التي تعد ردات فعل طبيعية للفقد والسماح لنفسه بطلب الدعم والمساندة وتنفيه متطلبات التكيف اللازمة في حياته .
أما التركيز على الألم وحده جراء الفقدان فربما يؤدي الى الانهاك و إلى تعقيد عملية الحزن، كما أن السماح للنفس بمواصلة الحياة رغم التكيف التدريجي مع غياب هذا العزيز من شانه تمكين الفاقد من استجماع القوة والموارد اللازمة للتكيف مع الفقدان حسب استطاعته من حيث القدرة والمدة.
(الفقدان و الحزن ،دانيلا أوغلياستري، ص١٤، ٢٠٢٠)
· عوامل الخطر التي قد تؤدي إلى تعقيد عملية الحزن:
تتشابه ردود الفعل لفقدان خلال الأشهر الاولى سواء كانت عمليه الحزن معقده ام لم تكن، غير أن ردود الفعل الطبيعية او المتوقعة للفقدان تبدأ في التغير أو التلاشي تدريجيا بمرور الوقت فيما تستمر ردود الفعل للحزن المعقد او تزداد سوءا وقد تؤدي الى تعقيد عملية الحزن إلى حالة مستمرة و متفاقمة من الحداد الذي قد يحول دون تعافي الفاقد
هناك مجموعة من العوامل التي من شأنها زيادة مخاطر تعقيد عملية الحزن عند الفاقد
1- وفاة الفقيد العزيز وفاة مفاجئة وغير متوقعة او عنيفة كأن يفارق الحياة اثر حادث او جريمة قتل أو انتحار
2- حال عدم العثور على جثمان الفقيد كما يحدث في حالات الاختفاء وعدم العثور على الأفراد
3- وفاة الابن او الابنة وهذا مصاب جلل لإنه يخالف دوره الحياه الطبيعية
4- العزلة الاجتماعية وفقدان نظام الدعم الاجتماعي او الصدقات
5- التجارب السابقة المرتبطة بحالات حزن لم يتم معالجتها
6- المشاعر الملتبسة بشأن الفقدان
7- وجود ضغوط حياتية أخرى جسيمة مثل الصعوبات المالية
8- عدم التمكن من إقامة مراسم دفن ومراسم عزاء اعتي
9- حدوث انواع كثيره ومختلفة من الفقدان في آن واحد
(الفقدان و الحزن ،دانيلا أوغلياستري، ص ١٤ ، ٢٠٢٠)
· العوامل الثقافية المؤثرة في عملية الحزن:
ذكرنا سابقا ان هناك عوامل فردية واجتماعية تؤثر في أسلوب تعبيرنا عن الحزن في حياتنا كما أن أسلوب مواجهتنا الوفاة وتعاملنا مع تبعاتها يتأثر بثقافتنا، ويشمل مفهوم الثقافة في الصدد السلوك الاجتماعي والأعراف والمعتقدات والتقاليد المرتبطة بالمجتمعات والشعوب المختلفة ولا يخفى أن الثقافات تختلف عن بعضها البعض في أساليب التعبير عن الحزن ومراسم إكرام الفقيد والحداد على من فقدناهم ومع ذلك تسهم طقوس الدفن ومراسم العزاء في مساعدة الأشخاص على المرور في عملية الحزن ذلك يعد إيذانا بتجاوز مرحلة الارتباك التي سببتها وفاة الأحبة الى مرحلة تتيح قبول الواقع والاسى على المفقودين كما ان طقوس المراسم تضفي طقسا دينيا او روحيا وتمسح بكف السكينة على الفاقدين.
تتيح الطقوس والمراسم الاعتيادية فرصه للأسرة والأصدقاء وأفراد المجتمع الآخرين لمشاطرة الأحزان بل وتتيح لحظات حاسمة يشعر فيها الفاقد بالدعم وبإحساس الاخرين بآلامه وقد تتعقد عملية الحزن في المواقف التي يتعذر فيها تنفيذ الطقوس المعتادة لتخفيف الاسى ودعم الفاقدين.
(الفقدان و الحزن ،دانيلا أوغلياستري، ص١٥ ، ٢٠٢٠)
· الفقدان والحزن عند الاطفال :
تعتبر عملية الموت والاحتضار من مسببات الضغوط النفسية الحقيقية في حياة الكثير من الأطفال واليافعين، وأشارت الأبحاث إلى أنه على سبيل التقدير قد واجهت 90% من طلاب المدارس الثانوية وبشكل شخصي تجربة موت شخص ما من الذين يهتمون لأمره او ان هذه الوفيات ممكن ان تكون مذكورة في كتب او برامج الكرتون او في وسائل الاخبار وفي الافلام اضافه للمرور شخصيا بوفاة حيوان اليف او احد اعضاء الأسرة او صديق لذلك تعتبر محاوله حمايه الطفل من حوادث الموت كالجهد العظيم واكثر الخبرات لحالات الوفاه تكرارا هي وفاه احد الوالدين او الجدين يتبعه وفاه شقيق وصديق.
لكن في عقب الحوادث لوفاة شخص عزيز من الممكن ان يتطور لدى الأطفال أعراض تسمى
1- صدمة الثكل في الطفولة
2- او اعراض الثكل المعقد
وهي اعراض تعبر عن الشعور بالوهن الذي يتطور عقب الخسارة او الوفاه لعزيز، وتعتبر طبيعة وتفسير الموت والاحتضار للطفل او تفسير مراسم الحداد ليس بالمهمة السهلة للكثير من الاباء خاصه انهم غالبا يواجهون تساؤلات من الاطفال مثل (اي حقائق من الممكن اخبار الطفل عنها) (ما الذي يمكن ان نفعله ان نساعده على التكيف)
وفي ورقة بحثية من ( كوهين ومانارينو) عن التكيف مع الحزن لدى الأطفال بمواصفات هامة
يستطيع الطفل أن يميز مشاعر الألم العميقة لفقدانه عزيزاً
الأطفال الأكبر سناً يفهمون أن الموت دائم , أما الأصغر سناً فيبقون يسألون عن عودة الميت و يحتاجون للتذكير أن الشخص المتوفر لا يعود
1- يستطيع الأطفال تذكر ما يخص الشخص المتوفى بكل الذكريات وليس الحسنة فقط
2- يستطيع الطفل و بشكل بطيء أن ينتقل بتعلقه إلى أشخاص آخرين
3- يتتابع التطور الصحي للطفل بشكل سليم
يؤدي فقدان طبائع الحياة اليومية و إجراءاتها الروتينية إلى صعوبة تأقلم الطفل مع وفاة الأحبة لذلك يلزم عندئذ إحاطة الطفل بقدر وافر من الحب والرعاية المستمرة من ولي الأمر أو القريب أو مقدم الرعاية على أن تكون محل ثقة الطفل وعلى معرفة وثيقة به ومن المهم للغاية تقديم توضيحات صادقة و واضحة ومناسبة لسن الطفل المراهق بشأن وفاة الأحبة بما يتيح له قبول الفقدان والتأقلم معه بإيجابية .
(الثكل و الحداد ، يوسف مسلم ، ص ٤-5 ، ٢٠١٨)
صندوق الذكريات وكتاب الذكريات (مساندة الأطفال أثناء حزنهم )
قدمت الكثير من جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدعم الواقعين في الأسى جراء فقدان الأحبة
تعين برامج الدعم الأطفال المتأثرين على إنشاء صندوق الذكريات ليضعوا في الصور الفوتوغرافية أو المتعلقات الصغيرة التي تذكرهم بالأحبة المتوفين أما كتاب الذكريات فمخصص ليروي فيه الأطفال قصصاً وليحتفظوا فيه بصور وليرسموا فيه الأوقات السارة التي يتذكرون قضاءها مع الأحبة وهذا من شأنه مساعدة الأطفال في التعبير عن مشاعرهم المرتبطة بفقد الأحبة وتحقيق الطمأنينة.
يحتاج الأهل و المربين إلى فهم حقيقي لطبيعة ما يمر به الأطفال لدى مواجهتهم وفاة عزيز وما هي الأعراض البادية عليهم حينها
حيث أشارت (كوهين ومنارينو) في ورقة بحثية تخص ما يمكن أن يقدمه المربين للطفل الذي يعاني من أعراض صدمة الثكل في الطفولة بوصفهم أنه عند حدوث وفاة فقد يعاني الطفل من الصدمة بسبب مفاجأة حادثة الوفاة مع تطويره لأعراض صدمة الثكل في الطفولة ويكون من أهم أعراض ذلك:
1. معاودة اختبار مشاعر الخبرة للوفاة
2. تجنب كل ما يخص ذكريات العزيز المفقود
3. الاستثارة النفسية و الانفعالية الزائدة و التوتر
4. سوء تنظيم العواطف والسلوك و التكيف المعرفي غير السليم
5. مشاكل تعلم ( تظهر في البيئة المدرسية)
(الثكل و الحداد ، يوسف مسلم ، ص ١٠ ، ٢٠١٨)
أما ( كريستنروز وزملائه) فقد أشاروا إلى أنه بعد وفاة أحد المحبين فإن معظم الناس يظهرون أعراض إكلينيكية للمعاناة من الكآبة لمدة شهرين تقريباً وخلاف ذلك فإن غالبية الناس يظهرون فاعلية في التكيف مع الفاجعة و نواتجها من الكرب والغالبية من الناس لا يظهرون إشكاليات الثكل أو الحزن غير التكيفي و الأعراض السلوكية للانسحاب و التي قد تدوم أكثر من شهرين فالحداد هو عملية يمر بها الناس ضمن مراحل متمايزة ولكن ليس بالضرورة أن تكون بنفس الترتيب أو الحدة أو المدة و هذه المراحل (الانكار _ الغضب _ المساومة _ الكآبة _ التقبل).
إن حقيقة ظهور الأعراض لدى الأطفال و المراهقين في هذه المرحلة مختلف وليس مشابه للأعراض حسب ما يظهر لدى البالغين
فإن الحزن أو الاكتئاب لدى الأطفال قدر يظهر كعدم استقرار أو كإحباط لأقل سبب و كل شخص يمر خلال كل مرحلة بشكل مختلف من الانفعالات و السلوكيات لكن ليس هناك شخص معفى من عملية الحداد عند مواجهته لموت عزيز و اذا لم يتم التعامل مع هذه العملية بطريقة مناسبة فقد تتداخل آثارها النضج العاطفي الطبيعي و الإحساس بالأمن .
وبذلك فإن هؤلاء الأطفال سيكونون غير قادرين على مواجهة أي خسارة مستقبلاً أو قضايا وفاة لأحد ما يخصهم .
إن التجارب الناتجة عن الخسارة بسبب مواقف صدمية تتضمن استجابات فسيولوجية فعندما يواجه الطفل تجربة وفاة عزيز بسبب أحداث صدمية(طبيعية ، كوارث ، حرب ، أو جرائم عنف) فيكون الفقدان مصاحب بخوف وخطر وذكريات سامة بناءً على مواقف مهددة تسبب استجابات فسيولوجية وعاطفية شديدة هذه المشاعر و الاستجابات الفسيولوجية مرتبطة بحالة الفقدان الصادمة ومن الممكن أن يستمر حدوثها طوال الوقت إلى أن يتم معالجة الموقف أو حله
(الثكل و الحداد ، يوسف مسلم ، ص ١٥ ، ٢٠١٨)
متى نطلب المساعدة ؟
في حالات الفقد و الحزن هنالك الأعراض الطبيعية عادةً، لكن استمرار هذه الأعراض وظهور سلوكيات التجنب لذكرى المتوفى، مع تبني أفكار غير وظيفية واللاعقلانية، قد يؤدي إلى اضطراب شكل كبير،
المهم أن تكون كافة الظروف المحيطة بالشخص تساعده على تجاوز الأزمة، مثل وجود الأسرة الداعمة والمتفهمة، إضافة الى الانتباه الى الحاجة الى التقييم في حالة بلغت الأعراض درجة تسترعي الانتباه فتكون ظاهرة كأعراض الثكل المعقد في الطفولة ، أو أعراض صدمة الثكل في الطفولة وحينها سيحتاج الأمر لتدخل مهني محترف، سواء
للتقييم أو إجراء المعالجات، وهذه المعالجات أو التدخلات معتمدة على منهجية المعالجة المعرفية السلوكية سواء كان فرديا أو جماعيا.
قائمة المراجع :
· 1- (المركز المرجعي للدعم النفسي والاجتماعي التابع للاتحاد الدولي، جمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر، عنايه الصليب الاحمر الدنماركي كوبنهاجن) المؤلف دانيلا أوجيلا ستري.
· 2- حالات الحداد والثكل ومنهج العلاج المعرفي السلوكي الجمعية الأردنية لعلم النفس إعداد الدكتور يوسف مسلم.