النظريات المفسرة لاضطراب الهلع
المعالجة النفسية: سحر الشامي
تناولت عدة مدارس ونظريات اضطراب الهلع لتفسيره وتحليل أعراضه من منظورها الخاص. وفي هذا المقال سنستعرض أبرز النظريات التي فسرت اضطراب الهلع.
النظريات المفسرة لاضطراب الهلع: (بلحسيني، خميس، 2017، ص19-27)
أولا: النظرية البيولوجية:
ﺃﻜﺩﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﺨﺘﻼﻓﺎﺕ ﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﺎﻨﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻀﻁﺭﺍﺏ ﺍﻟﻬﻠﻊ، ﻭﺒﻴﻥ
ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﻌﺎﻨﻭﻥ ﻤﻨﻪ.ﻭﻗﺩ ﺍﻜﺘﺸﻑ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻭﻥ ﻭﺠﻭﺩ ﻓﺭﻭﻕ ﻤﺴﺘﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﻗﻼﺕ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ
ﺒﺎﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻱ، ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻭﻟﻰ ﻨﻘل ﺍﻟﺭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺃﺠﺴﺎﻤﻨﺎ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ
ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺒﻬﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩﺓ، ﻭﺘﺴﺎﻋﺩﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ، ﻭﺘﺭﺸﺩ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺘﺘﺨﺫ ﻤﺴﺘﻭﻯ
ﻋﺎل ﻤﻥ الإثارة لدى ﺍﻟﻤﺼﺎﺒﻴﻥ ﺒﺎﻀﻁﺭﺍﺏ ﺍﻟﻬﻠﻊ، ﻭﺒﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ، ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻨﻪ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﺒﺎﻀﻁﺭﺍﺏ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﻟﺩﻴﻬﻡ ﺠﻬﺎﺯ ﻋﺼﺒﻲ ﻴﺘﺴﻡ ﺒﺸﺩﺓ ﺍﻟﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌل ﺒﻪ، ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﻌل ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻤﺜﻴﺭﺓ ﻟﻠﻘﻠﻕ ﻭﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺘﻭﻟﺩ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌل ﺠﺴﻤﺎﻨﻴﺔ ﻗﻭﻴﺔ (ﺒﻴﻜﻔﻴﻠﺩ،2004،18).
ﻭﺘﻌﺘﻤﺩ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﺓ ﻋﻭﺍﻤل ﺃﻫﻤﻬﺎ:
- الوراثة: تشير الدراسات إلى أن قابلية التوريث لاضطراب الهلق قد تصل إلى 50% (Hettama,Neal, & Kendler 2001).
- العوامل الكيميائية: تﺸﻴﺭ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺠﺫﻉ ﺍﻟﺩﻤﺎﻍ ﻟﻐﺎﺯ ﺜﺎﻨﻲ ﺃﻭﻜﺴﻴﺩ ﺍﻟﻜﺭﺒﻭﻥ، ﻭﻫﻲ ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺯﻤﻨﺔ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻓﺭﻁ ﺍﻟﺘﻨﻔﺱ ﺍﻟﻤﺯﻤﻥ ﻭﻗﺩ ﺘﺒﻴﻥ ﺒﺎﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺃﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﻭﺍﺀ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﻤﺸﺒﻌﺎ ﺒﻐﺎﺯ ﺃﻜﺴﻴﺩ ﺍﻟﻜﺭﺒﻭﻥ ﺒﻨﺴﺒﺔ 5% ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺤﺩﻭﺙ ﻨﻭﺒﺔ ﻫﻠﻊ ﻋﻨﺩ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻬﻴﺌﻴﻥ ﻟﻬﺫﺍ اﻻﻀﻁﺭﺍﺏ (ﺍﻟﻤﺎﻟﺢ،1995،35).
- العوامل الفيزيولوجية: ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﺤﻴﺔ ﺃﻭﻀﺤﺕ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﻭﺍﻗﻊ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺦ ﻫﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ ﻋﻥ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻘﻠﻕ ﻋﻨﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ، ﻭﻫﻲ:
1. ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻷﻤﺎﻤﻴﺔ.
2. ﺍﻟﻠﻭﺯﺓ AMYGDALE
3. ﻤﻨﻁﻘﺔ ﻤﺎ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻤﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻘﺸﺭﺓ ﺍﻟﻤﺨﻴﺔ.
ﻓﻌﻨـﺩ ﺘﻌﺭﺽ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻻﻨﻔﻌﺎل ﻤﺎ، ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﻤﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﺍﻟﻘﺸﺭﺓ ﻗﺒل ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻷﻤﺎﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﺎﻟﺘﻘﻴﻴﻡ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻀﻐﻁ، ﺜﻡ ﻴﻨﺘﻘل ﺍﻟﻌﻤل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺩﺓ ﺍﻟﻠﻭﺯﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ، ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻴﺤﺩﺙ ﺘﻨﺒﻴﻪ ﻟﻐﺩﺓ ﻤﺎ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻤﻬﺎﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻬﻴﺒﻭﺜﻼﻤﻭﺱ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﻭﻅﺎﺌﻑ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻸﺤﺸﺎﺀ، ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ ﻋﻥ ﺍﻻﺴﺘﺠﺎﺒﺎﺕ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ (Lundervold et al,2008).
ﻭﻨﻅﺭﺍ ﻷﻥ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻘﻠﻕ ﺘﺄﺘﻲ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﺴﺘﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺒﺸﻘﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﻤﺒﺜﺎﻭﻱ ﻭﺍﻟﺒﺎﺭﺍﺴﻴﻤﺒﺜﺎﻭﻱ ﻭﻫﻤﺎ ﺘﺤﺕ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﻭﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﻬﻴﺒﻭﺜﻼﻤﻭﺱ، ﻓﺈﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻴﻌﺩ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ ﻋﻥ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﻋﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﻘﻠﻕ ﺨﺎﺼﺔ (ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﻭﻱ،1995).
ﺇﺫﺍ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﺙ ﻫﻨﺎ ﻋﻥ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺃﺠﺯﺍﺀ ﺍﻟﻤﺦ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻋﻰ ﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺨﻭﻑ (Fear Circuit) ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻀﻤﻥ ﺍﻟﻠﻭﺯﺓ ﻜﺄﺤﺩ ﺍﻷﺠﺯﺍﺀ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﺍﺭﺓ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺩﻱ ﻨﺸﺎﻁﺎ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺎ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺼﺎﺒﻴﻥ ﺒﺎﻟﻘﻠﻕ ﻋﻤﻭﻤﺎً.
ثانيا: النظرية السلوكية:
ﺘﺴﻠﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺒﺄﻥ ﺤﺎﺩﺜﺎ ﻤﺤﺎﻴﺩﺍ ﻴﺼﺒﺢ ﻤﺭﺘﺒﻁﺎ ﺒﺎﻟﺨﻭﻑ، ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺄﻥ ﻴﻘﺘﺭﻥ ﺒﻤﻨﺒﻪ ﻴﻌﺩ ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﻤﺜﻴﺭﺍ ﻟﻠﻀﻴﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻠﻕ، ﻭﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁﻴﻪ (ﺇﺸﺭﺍﻁ ﺘﻘﻠﻴﺩﻱ) ﺘﻜﺘﺴﺏ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺼﻭﺭ ﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻀﻴﻕ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻴﺭ ﺍﻷﻋﺭﺍﺽ ﺘﺘﻁﻭﺭ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻬﺭﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﻨﺏ ﻟﺘﻘﻠل ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻠﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻀﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺜﻴﺭﻩ ﻤﻨﺒﻬﺎﺕ ﺸﺭﻁﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﺘﺴﺘﻤﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺘﺠﺎﺒﺎﺕ ﺒﺴﺒﺏ ﻨﺠﺎﺤﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﺨﻔﻴﺽ ﺍﻟﻘﻠﻕ، ﻭﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﻌﻤﻴﻡ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﻓﺈﻥ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﻤﺜﻴﺭﺓ ﻟﻠﺨﻭﻑ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻭﺴﻭﺍﺴﻴﻥ ﺍﻟﻘﻬﺭﻴﻴﻥ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺠﻨﺒﻬﺎ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﺃﻭ ﺒﺸﻜل ﻤﺒﺎﺸر. ﻭﻴﻌﺩ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺘﺠﻨﺒﻲ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ–ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﺨﺩﻤﻪ ﻤﺭﻀﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﺸﺎﺫ– غير فعﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻕ، ﻓﺘﺘﻁﻭﺭ ﻋﻨﺩﺌﺫ ﺃﻨﻤﺎﻁ ﺍﻟﺘﺠﻨﺏ ﺍﻟﻨﺸﻁﺔ ﻓﻲ ﺸﻜل ﺴﻠﻭﻙ ﻴﺘﺨﺫ ﺼﻭﺭﺓ ﻁﻘﻭﺱ ﻤﻌﻴﻨﺔ (ﻋﺒﺩ اﻟﺨﺎﻟﻕ،2002،279).
ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﺸﺎﺒﻬﺔ ﺒﻤﺠﺭﺩ ﺃﻥ ﻴﻨﺘﺎﺏ ﺸﺨﺹ ﻤﺎ ﻨﻭﺒﺔ ﻫﻠﻊ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤل ﺃﻥ ﻴﺅﺩﻱ ﻤﺠﺭﺩ ﺠﻠﻭﺴﻪ ﺨﻠﻑ ﺩﻓﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺜﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﺎﻟﻘﻠﻕ، ﻓﻘﺩ ﺃﺼﺒﺢ ﺠﻬﺎﺯ ﺍﻹﻨﺫﺍﺭ ﻓﻲ ﺠﺴﺩﻩ ﻤﺸﺭﻭﻁﺎ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﻜل ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻭﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﻬﺎ، ﻤﺜل: ﺍﻟﻤﻨﺎﻅﺭ ﻭﺍﻟﺭﻭﺍﺌﺢ ﻭﺍﻷﺼﻭﺍﺕ.
ﻭ ﺘﻔﻴﺩ ﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻲ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻀﻁﺭﺍﺏ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﺃﻥ ﺍﺯﺩﻴﺎﺩ ﺩﻗﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻤﺜﻼ ﻤﺭﺘﺒﻁ ﺒﺤﺩﻭﺙ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺯﺩﻴﺎﺩ ﻭﻴﺅﺩﻱ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻲ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﻘﻠﻕ ﺒﺎﻟﻅﺭﻑ ﺍﻟﻤﺅﻟﻡ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺘﻭﻗﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ، ﻫﺫﺍﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭﺍﻥ ﺍﻟﻠﺫﺍﻥ ﺘﻐﺫﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻭﺍﻟﻜﻭﺍﺭﺙ ﻭ ﺍﻻﻀﻁﺭﺍﺒﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺃﺤﻭﺍل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺘﻬﺎ ﻭﺘﻐﻴﺭﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﺩﺓ، ﺇﻀﺎﻓﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎﻓﺱ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻤﺎﻥ ﻤﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻹﺸﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺤﺩﻭﺙ ﻨﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻬﻠﻊ (ﺍﻟﻤﺎﻟﺢ،1995،32).
ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺼﺎﺒﺕ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻨﻭﺒﺔ ﻫﻠﻊ ﻓﻲ ﻤﻭﻗﻑ ﻤﻌﻴﻥ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺸﺭﻁﻴﺎ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻨﻭﺒﺔ، ﺒﺤﻴﺙ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺩﺨل ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻤﺠﺩﺩﺍ ﻓﺈﻥ ﻨﻭﺒﺔ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﺴﻭﻑ ﺘﻌﺎﻭﺩﻩ، ﻭﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺜﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﺩﻋﺎﺀ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﺤﺎل ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺴﻴﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺴﺭﻴﻊ، ﺃﻭ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻓﻲ ﺼﻑ ﺃﻭ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻹﺤﺴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ.
ثالثا: النظريات المعرفية:
- نموذج بيك وإمري (1985):
النظرية المعرفية لتفسير المخاوف ونوبات الهلع حسب بيك وإمري (Beck &Emery، 1985) تتخذ ثلاث خطوات رئيسية وهي:
1. المخططات المعرفية: ننتقي فقط المنبهات الداخلية والخارجية التي تنبئ بالخطر، ونقوم بتخزينها في الذاكرة طويلة المدى.
2. التشويهات المعرفية: نقوم بمعالجة مشوهة للمعلومات المتعلقة بالأمن والخطر (نضخم الخطر ونقزم الأمن).
3. أحداث معرفية: الحديث الداخلي والصور العقلية التي تترجم التهديد بالخطر (الخوف من الموت، الخوف من الجنون والخوف من فقدان السيطرة).
- نموذج كلارك (Clarck,1986):
ﻭﻫﻭ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻤﻌﺭﻓﻲ ﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻬﻠﻊ، ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻥ ﻨﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﺘﻨﺘﺞ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﻜﻭﺍﺭﺜﻲ ﻷﺤﺎﺴﻴﺱ ﺠﺴﻤﻴﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤﺜل ﺴﺭﻋﺔ ﻀﺭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺏ، ﻀﻌﻑ ﺍﻟﺘﻨﻔﺱ، ﻭﺍﻻﺨﺘﻨﺎﻕ.
ﻭﺘﻨﻁﻭﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﻭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺤﺴﺎﺴﺎﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﺨﻁﺭﺍ ﻤﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌﻼ، ﻭﺨﺼﻭﺼﺎ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺤﺴﺎﺴﺎﺕ ﻤﺅﺸﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺭﺏ ﺤﺩﻭﺙ ﻤﻌﻀﻠﺔ ﺠﺴﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻘﻠﻴﺔ، حيث ﻴﻘﻊ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﺭﻴﺴﺔ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﻤﻐﻠﻘﺔ ﺘﺠﻌﻠﻪ ﺤﺒﻴﺱ ﺍﻀﻁﺭﺍﺏ ﺍﻟﻬﻠﻊ.
ﻭﻟﻘﺩ ﺃﻜﺩ ﻜﻼﺭﻙ ﻭﺴﺎﻟﻜﻭﻓﻴﺴﻜﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ، ﻓﻨﻭﺒﺔ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﻻ ﺘﻭﺼﻑ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻋﻔﻭﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﻤﺜل ﻨﺘﺎﺝ ﻨﻬﺎﺌﻲ ﻟﺘﻔﺎﻋل ﻤﺭﻜﺏ ﻤﻥ ﺍﻹﺤﺴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ (ﻤﺜل ﺘﺯﺍﻴﺩ ﻀﺭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺏ) ﻭﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻟﻴﺔ- ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ، ﻭﻤﻥ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﺭﻴﺽ.
ﻭﺒﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﻟﻠﻬﻠﻊ ﺘﺅﻜﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﻌﺒﻪ ﺍﻟﻤﻴل ﺍﻟﺜﺎﺒﺕ ﻹﺴﺎﺀﺓ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻹﺤﺴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ، ﺃﻭ ﺭﺅﻴﺔ ﺃﻋﺭﺍﺽ ﺍﻟﻘﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﺨﻁﻭﺭﺓ ﻋﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌﻼ، ﻓﺎﻟﺘﻔﺴﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﻭﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﻁﺌﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﺭﺭﺓ ﻟﺠﻤل ﻤﻥ ﻗﺒﻴل (ﺃﻨﺎ ﺃﻤﻭﺕ)، (ﺴﻭﻑ ﺃﺼﺎﺏ ﺒﺎﻟﺠﻨﻭﻥ)، على سبيل المثال تؤدي إلى زيادة ﺍﻷﻋﺭﺍﺽ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻨﻭﺒﺔ ﻫﻠﻊ.ﻭﺘﺭﻜﺯ ﺍﻟﻌﻼﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﻁﺌﺔ، ﻭﺘﻘﺩﻡ ﺘﻔﺴﻴﺭﺍﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺄﺴﺎﻭﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﻺﺤﺴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ، ﻭﺘﺨﺘﺒﺭ ﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ، ﻭﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻺﺤﺴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﻴﻔﺔ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺨﻼﺀ ﻟﻠﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﻤﺨﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﻨﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ (ﻤﻴﺭﻜﺭ،2006،158).
قائمة المراجع والمصادر:
1. حسان المالح (1995): القلق العام ونوبات القلق الحاد (الهلع)، الثقافة النفسية، المجلد6، ع24، درا النهضة العربية، القاهرة.
2. دينيس بيكفيلد (2004): كيف تسيطر على خوفك وتعود لحياتك من جديد، مكتبة جرير، الرياض.
3. وردة بلحسيني، محمد سليم خميس (2017): أسباب اضطراب الهلع بين قوة التنظير البيولوجي والنفسي، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 31، الجزائر.