مشكلة العناد عند الأطفال
الأخصائية النفسية : هنادي الأسعد
مقدمة:
يعتبر العناد لدى الأطفال سلوكاً طبيعياً خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة من سن 2 إلى 6 سنوات ، لأن هذه المرحلة يعبر فيها الطفل عن استقلاليته محاولاً إثبات ذاته . فالعناد دليل على التطور النفسي والعقلي للطفل ولكن معروف أن الشيء إذا زاد عن الحد أصبح مشكلة سلوكية تحتاج إلى علاج.
تعريف العناد : وقـد صـنفت " الرابطـة الأمريكيـة للطـب النفسـي " العنـاد علـى أنـه «نمـط مـن السـلوك السـلبي والعـدائي والمتحـدي، والمسـتمر لمـدة سـتة أشـهر علـى الأقـل، يظهـر خلالهـا الفـرد أربعة (أو أكثر) مما يلي :
· كثيرا ما يفقد أعصابه .
· كثيرا ما يجادل الكبار .
· كثيرا ما يتحدى أو يرفض الانصياع لأوامر الكبار والأصول المرعية (القوانين
· و الضوابط ).
· كثيرا ما يتعمد مضايقة الآخرين .
· كثيرا ما يلقي على الآخرين بتبعة أخطائه وسوء تصرفاته .
· غالبا سهل الاستثارة والضيق بالآخرين .
· غالبا غاضب
· غالبا حقود محب للانتقام.
متى يظهر العناد؟
العنـاد كسـلوك طبيعـي مقبـول يظهـر فـي السـنوات الأولـى مـن حيـاة الطفـل حيـث
يرى "زكريا الشربيني" أن « بوادر العناد تظهـر بعـد سـن السـنتين مـن العمـر، حيـث يصـبح
الطفل متمتعاً بقدر مـن الاسـتقلالية ، نتيجـة نمـو تصـوراته الذهنيـة ، فيـرتبط العنـاد بمـا يجـول
فـي رأسـه مـن خيـال ورغبـات ، قـد تتعـارض مـع رغبـات الكبـار فيحـدث التصـادم. وعـادة مـا يكـون العنـاد وسـيلة مؤقتـة يسـتعملها الطفـل لتحقيـق مقاصـد آنيـة وسـرعان مـا يتخلـى عنـه حالما يحققها. لكن عند البعض من الأطفال يكون نمطاً متواصلاً وصفة ثابتة فـي سـلوكهم
وشخصــيتهم وتكــون قويــة بدرجــة غيــر طبيعيــة، و يعتبــر فــي هــذه الحــال جــذوراً لنــوع مــن اضـطرابات الشخصـية عنــد الكبـار وهـو مــا يسـمى بالشخصـية الســلبية العدوانيـة.
أشكال العناد :
أولاً -عناد التصميم والإرادة : يظهــر بعــض الأطفــال إصراراً كبيــراً علــى محاولــة إصــلاح شــيء مــا، فيفشــلون ويعيدون الكرة إلى أن ينجح و إنه نوع من العناد يجب تشجيعه.
مثال ذلك: أن بعض التلاميذ في السنة الأولى لا يطلبون المساعدة من المعلم في حصة تعلم الخط، بـل تجـدهم يكتبون ويمحون، ويكررون ذلـك إلـى أن يتحصـلوا علـى الشـكل المطلـوب، وحينهـا يظهـرون نتيجة عملهم لمعلمهم .
ثانياً-العناد المفتقد للوعي: يظهر عندما يصر الطفل على عمـل مـا غيـر آبـه بمـا يعقبـه مـن مخـاطر كـأن يصـر التلميذ على تسلق الأشجار، رغم تحذير المعلم له، ونهيه عن ذلك.
ثالثاً -العناد مع النفس :قد يعاند الطفل نفسـه كمـا يفعـل مـع الآخـرين، كـأن يـرفض المشـاركة فـي اللعـب إذا أجبـره المعلـم علـى الانضـمام إلـى فريـق لا يحبـذ أحـد أو بعـض عناصـره، رغـم حبـه الشـديد للعب.
رابعاً -عناد فسيولوجي :الإصابات العضوية للدماغ مثل بعض أنواع التخلف العقلي يمكن أن يظهر الطفـل معها في مظهر المعاند السلبي .
خامساً -العناد كاضطراب سلوكي: حينمــا يعتــاد الطفــل العنــاد كوســيلة متواصــلة، ونمــط راســخ، وصــفة ثابتــة فــي لشخصية، يحتاج الأمر إلى استشارة من المختصين لأن الطفل وصل إلى مرحلة يصـعب فيها التعامل معه.
أسباب العناد لدى الاطفال:
· رغبة الطفل في تأكيد ذاته: عندما يكون ذلك غير مبالغ فيه وفى مرحلة معينة من عمره، فإنه يكتشف نفسه وقدراته ويتعلم قوة الإرادة.
· الحـالة النفسية للـوالـدين من الإفـراط في الـتدليل الـزائـد للطفل والذي يعـرفها الطفل بشكل متقـن لـذلك يستغـل الـوالـدين لتـلبية رغـباته والخـضوع لطـلباته وعـدم مقـاومتهما لعـناده واصـراره.
· رد فعل ضد الشعور بالعجز الذي يعاني منه نتيجة لخبرات سلبية سابقة أو تعرضه لصدمات أو إصابته بإعاقات مزمنة.
· عدم إنصات الآباء للأبناء وعدم شرح الأسباب وراء أوامرهم، مما يشعر الطفل بالظلم والإهانة.
· التذبذب في المعاملة بين اللين والقسوة مما يضع الطفل في حيرة ويتسبب في حالة من العناد.
· عـدم اهـتمـام الـوالـدين بالطفـل بشكل جـيـد مما يـثـير عـنده نوعـاً من الحـنق الشـديد على الوالدين فيقـوم بتصـرفات فيها الكثير من العـناد لإثبات وجـوده وذاته ولمحـاولة لفـت الانـتـباه نحـوه كنوع من الاحـتجـاج المبهم الغير مباشـر ، في حـالات كانشـغـال الوالدين في أمـور حياتهما.
· التهـديد المستمر للطفـل وربما ضـربه أو معـاقـبـته يـؤدي به بطـريقة مباشـرة الى معـاقـبة والـديه ، ولـيس هـناك أفضـل طـريقـة لمعـاقبة الـوالدان من العـناد لـدى الطفـل حـسب اعـتـقاده.
· هـناك أسـباب سـيكولوجـية ونفـسية بحـتة ظـرفية يمـر بها الطفـل في ظـروف معـينة وتـنـتهي بنهاية وزوال هـذه الظـروف ، وهي ما يـسمى بالعـناد المـؤقـت .
· ومن أهم أسباب العناد في هذه المرحلة العمرية (9-12) عند الأطفال غياب أحد الوالدين أو كليهما فالطفل الذى يحرم من والده منذ صغره لا يجد من يتحدث معه ليتعرف على الحياة والعالم المحيط به وبذلك يتأثر نموه وتتأثر علاقاته الاجتماعية والعاطفية بذلك كثيرا ،. حيث أن الجو غير المناسب لنمو الطفل من تعرضه لمعايشة الشجار والنزاع بين الأبوين التي تعتبر سلسلة من الخبرات المؤلمة التي تؤثر في شخصيته .
أساليب العلاج والتغلب علي مشكلة العناد:
لابد للوالدين والمعلمين ومن يحيط بالأطفال ممن يلاحظ عليهم سلوك العناد أن يبحثوا عن الأساليب والطرق المناسبة للحد من العناد لدى الأطفال فمعاملة الطفل العنيد ليست بالأمر السهل، لأنها تتطلب الحكمة والصبر وعدم اليأس والاستسلام للأمر الواقع بحجة أن الطفل عنيد. وهناك بعض الأساليب المتبعة في علاج هذه المشكلة السلوكية للتغلب أو للحد من تفاقم مشكلة العناد إلى اضطراب :
ü البعد عن إرغام الطفل علي الطاعة ،واللجوء إلي دفء المعاملة والمرونة في المواقف، فالعناد البسيط يمكن أن نغض الطرف عنه ونستجيب فيه لما يريد هذا الطفل ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر وما دامت هذه الرغبة في الحدود المقبولة.
ü الحوار الدافئ المقنع غير المؤجل عند ظهور موقف العناد من الأساليب المفيدة، إن إرجاء الحوار إلي وقت لاحق يشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق، ويشعر بزهو الانتصار مما يدفعه إلي تكرار سلوك عناده ومكابرته. ويجب أن يعتمد علي القاعدة ( إن العناد من الطفل لا يقاوم بعناد من الكبار بل بحوار دافئ وعاجل).
ü عدم صياغة طلباتنا من الطفل بطريقة تشعره بأننا نتوقع منه الرفض، لأن ذلك يفتح أمامه الطريق لعدم الاستجابة والعناد.
ü عدم اللجوء إلي القول بأن الطفل عنيد أمامه أو مقارنته بأطفال آخرين بقولنا أنهم ليسوا عنيدين مثله.
ü عدم تأجيل العقاب حال وقوع العناد مباشرة بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات، لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلي آخر وتكون نقطة البداية تأجيل الحوار ولو لحظات يراجع الطرفان فيها موقفهما ويستأنف الحوار بعد ذلك بأسلوب يكون فيه الإقناع .
ü تخصيص الوالدين جزء من وقتهم اليومي لأطفالهم ومشاركتهم لهم في ألعابهم المحببة لهم.
ü لا ينبغي أن تأخذ العلاقة بين الوالدين وأطفالهم شكل الحاكم والمحكوم حتى لا تأتي بنتائج عكسية بل يجب مراعاة مشاعرهم ورغباتهم قدر الإمكان .
ü شرح وتوضيح الوالدين أسباب كل أمر ونهى لأطفالهم حتى يقتنعوا به وينفذوه ولا يجب مطالبتهم بالطاعة العمياء.
ü إيحاء الطفل بالثقة التامة في أنه سينفذ ما يطلبه منه والديه وليس العكس.
ü عدم المبالغة في نقد الاطفال وتضخيم ما ارتكبوه من أخطاء والقاء الضوء علي كل صغيرة وكبيرة لهم .
ü إعطاء قدر من الحرية للطفل في تنفيذ أوامر ونواهي الوالدين .
ü عدم المبالغة في حجم الجزاء الناتج عن مخالفة الطفل لأحد الأوامر والنواهي الهامه التي يطالبهم بالوالدين .
ü استخدام أسلوب التعزيز الايجابي عند تنفيذ الطفل أمر صادر له وذالك بمدحه أو مكافئته والعكس.
ü تجاهل الأفعال السلبية للطفل واظهار الأفعال الإيجابية.
ü تقديم الأوامر دون تشدد أو تسلط أو عصبية وإتاحة المجال لمناقشة الطفل مع إظهار بعض الحنان.
ü الربت على الكتف أو الشعر أو احتضان الطفل أو تقبيله...إلخ .
ü عدم إعطاء الطفل مجموعة من الأوامر في وقت واحد خاصة عندما تكون فوق طاقته.
المراجع:
1. زكريا الشربيني ( 2005 ). المشكلات النفسية عند الأطفال .القاهرة: دار الفكر العربي.
2. الرابطة الأمريكية للطب النفسي (2001). الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية. الكويت: مكتبة المنار الإسلامية. (ط 1).
3. سناء سليمان ،مشكلة العناد عند الأطفال القاهرة عالم الكتب 2005.
4. إيمان دويدار ،2014. مشكلات الأطفال وكيفية التعامل معها.