كيف يعالج الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية ؟

إنشاء بواسطة أسعد الخضر في المناهج العلاجية 31 أكتوبر 2023
مشاركة

كيف يعالج الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية ؟


المعالجة النفسية ولاء حمزة


 


مقدمة:


يتم على وجه العموم معالجة الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية ضمن إطار المعالجة النفسية و يحدث غالبا بأن يتم استخدام عدة طرق للمعالجة.


لقد تطور علاج الصدمة النفسية بحيث يحرز نجاحات جيدة و قبل كل شيء يكون العلاج ضمن إطار مضمون (محيط آمن ) ممكنا إذا تم الكشف عن الاضطراب في وقت مبكر.


يوجد طرق مختلفة للمعالجة النفسية حيث يعطى للمحادثة دوراً مهماً في كل منها.


 


العلاج السلوكي:


يهدف العلاج السلوكي عبر المحادثات والتمارين والرؤى الجديدة لمعرفة وتغيير طرق السلوك الإشكالية مثلا (الشك المطلق، أو التفكير السلبي) والتي يمكن ملزمة لسبب المرض ويهدف عبرها أيضا إلى السماح بالخبرات الجديدة وأشكال التصرف السلوكي، ويكون شكل التقييم التوضيحي لطريقة التفكير الإشكالية وتغييرها وتكميلها أو تغيير مجمل طرق السلوك أهدافا مهمة للمعالجة علما أن المشاكل الحالية تبقى نقطة أساسية فيها.


 


المعالجة النفسية المؤسسة على التعمق النفسي:


هي شكل من أشكال المعالجة تفترض بأنه يمكن الاستنتاج بأن الوقائع النفسية العميقة المقصودة وحتى الغير مقصودة أيضا لها تأثير على الصحة النفسية للإنسان فيكون الإطلاع على التصرف الإشكالي والمعاناة غير التوعية الملية عن الصراعات غير المقصودة أو الخبرات التي تم تجاهلها من وجهة النظر هذه بداية مفيدة لمعالجة الاضطرابات النفسية.                  


(سلمان،2015،20)


 


المعالجة النفسية التحليلية:


في هذا الشكل من أشكال المعالجة تصبح الخبرات السابقة التي تم اكتسابها حتى الآن في الحياة مع الصراعات النفسية العميقة غير المقصودة واستيعابها النقطة الأساسية في المعالجة. فيتعلق الأمر في لقاءات المحادثة العلاجية والتي تكون شبيهة بالمعالجة النفسية المؤسسة على التعمق النفسي بتوعية المريض بشكل واضح بأن الاضطرابات الحالية في الوقت الحاضر مرتبطة بصراعات قديمة ومتناسية لم يتم التغلب عليها . ويصبح التعلم من الخبرات السابقة عبر معرفة هذه الارتباطات ممكنا مثلا (تغيير طرق التفكير السلبية واستغلال المعارف من استيعاب الصدمات النفسية والتغلب عليها).


 (سلمان،2015،17)


 


العلاج في أقسام المشافي والعيادات:


في العادة توجد إمكانية للقيام بعلاج في العيادات لمرة واحدة كل أسبوع ولمدة ساعة واحدة، هذا يعني أن المصابين يبحثون عن عيادة للعلاج النفسي بشكل مؤقت، لكنهم عدا ذلك يحتفظون بأعمالهم العامة اليومية. ويتم معالجة المرضى فيما يسمى بالأقسام الجزيئة خلال النهار في المشافي اليومية لكنهم يقضون لياليهم وعطلة نهاية الأسبوع في مساكنهم ويتم بعد هذا النصح مثلا بالإقامة في أقسام المشافي إذا وجدت متاعب جسدية إلى جانب المتاعب النفسية أيضا أو أن المصابين مرضى بشكل شديد بحيث أنهم لا يستطيعون التغلب على أعمال حياتهم اليومية فيتم هنا معالجة المرضى في مشافي الأمراض النفسية ومعالجتها ويبيتون هناك أيضا ويتم تزويدهم بالطعام والشراب.


(سلمان،2015،17)


 


العلاج بالأدوية:


يمكن أن يكون استعمال الأدوية ضروريا في بعض الحالات أيضا من أجل تقليل المخاوف والنشاط المفرط ولمعالجة الأعراض المرافقة الأخرى ويمكن أن يكون هذا العلاج كتكملة للمعالجة النفسية أو إذا كانت المعالجة النفسية في البداية غير ممكنة أيضا أو لم تصل إلى النتائج المرتقبة إلا أن الأدوية لا تكون أبدا بديلا عن المعالجة النفسية ويكون مهما جدا لكم أن تتبعوا تعليمات الطبيب بشكل مطلق وألا تقوموا شخصيا وببساطة برفع أو تخفيض نسب جرعات الأدوية التي تتناولها.


 (سلمان،2015،18)


 


إضعاف حساسية حركة العين وإعادة المعالجة:


إذا سيطرت المخاوف على المصابين بهذا الاضطراب بالشكل القوي بحيث ليس ممكنا البدء بالعلاج الفوري فتتواجد الإمكانية بأن يستخدم المعالج النفسي تقنية (إضعاف حساسية حركة العيون وإعادة المعالجة) يتم هنا عن طريق حركات العيون السريعة التي يقوم بها المصاب تحت إشراف المعالج النفسي التقليل من الإحساسات التي أدت إلى المعاناة كأشياء لم يمكن السيطرة عليها ويمكن أن يوجد لهذه الطريقة تطبيق في مسار علاج نفسي آخر.


  (سلمان،2015،19)


 


 استقرار الحالة والتربية النفسية:


يكون أحد الشروط المهمة من أجل علاج ناجع للاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية أن يكون المصاب في أمان ولا يوجد أي خطر لأن يعيش هو أو هي تعيش هي حادث الصدمة من جديد ويكون مهما أن يشعر المريض بالطمأنينة أثناء العلاج


سيتكلم المعالج في جلسة المحادثة المشتركة مع المصاب حول أقوى الأعراض كأول شيء وماهي التوقعات من العلاج ويتم الشرح للمريض ضمن إطار التربية النفسية لم حصلت هذه الأعراض عتده وكيف تكون مرتبطة بالاضطراب ويمكن بمساعدة العلاج أشكالا معينة من السلوك (التصرفات) والتفكير مثل تجنب أماكن معينة أو الضغط على الأفكار أثناء التغلب على الصدمة النفسية كشيء نافع يكون فعلا آلية طبيعية للحماية لكن يحتمل أن يكون معيقا في التغلب على الصدمة النفسية ويظهر بوضوح بأنه يمكن أثناء مسار المعالجة العمل سوية إلى التوصل لتغير إيجابي ويمكن أن يأخذ استقرار الحالة المرضية قليلا أو كثيرا من طول وقت المعالجة وذلك حسب الحالة وحسب وضع المصاب.


 (سلمان،2015،20)


 


 التغلب على الصدمة النفسية واستيعابها أثناء المعالجة:


حالما يشعر المصابون أنهم في بيئة آمنة (أي أن مسبب الصدمة النفسية لم يعد يتعرض له) واستقرت حالتهم فيمكن أن يكون  مجديا التكلم سوية مع المعالج عن الصدمة النفسية لكن من المهم سوية مع المعالج عن الصدمة النفسية لكن من المهم معرفته أن الشخص ليس ملزما أن يتكلم بأي حال من الأحوال عن الحدث إذا لم يرغب في ذلك لأنه يمكن بطبيعة الحال أن يكون مجهدا جدا إذا قرض على المصاب أن يعيد التفكير بالحدث الصادم نفسيا فيتعلق الأمر أثناء المعالجة بالتذكر الواعي الذي يتم التحكم به و التحدث عن الصدمة النفسية وما حولها وأن يمكن الاستفادة من تصنيف الحدث في قصة الحياة الذاتية عن طريق السرد (يتم تسمية هذا بالرواية) فيمكن عن طريق عودة الحدث بقصد ووعي من جديد أن يتم مثلا التخفيف من إحساسات الخوف ويقل الشعور بالجهد أثناء مسار العلاج النفسي ويحدث كذلك في حالة الرعب بأن يشغل المرء نفسه بالصدمة النفسية أما إذا كان الكلام عن الصدمة النفسية ممكنا أو ذو فائدة بشكل أساسي فيتعلق الأمر هنا بعدة عوامل يتم التكلم عنها بين المعالج والمريض (من بينها شدة الصدمة النفسية) وبما أن كل إنسان يختلف عن الآخر فيكون العلاج النفسي دائما فردي الشكل وخصوصي جدا أيضا .


 (سلمان،2015،20)


 


التحضير للحياة بعد فترة العلاج:


يتم تحضير المريض في المرحلة الأخيرة من العلاج للتعامل مع زمن ما بعد المعالجة فالهدف المهم هو أن يستطيع المصاب بالصدمة العودة إلى الحياة الطبيعية والتغلب على متطلبات الحياة اليومية وحالما يشعر المريض بأنه في سلام واستقرار وأن تذكر الأحداث والشعور بالجهد ومشاعر الخوف دون التحكم بها قد تراجعت بشكل واضح فيمكن أن يتم إنهاء العلاج الفعلي ويتكلم المصاب مرة أخرى مع المعالج النفسي قبل نهاية العلاج كيف يمكن أن يتعامل هو أو تتعامل هي مع احتمال عودة ظهور أعراض وذكريات الصدمة النفسية


يتم بالتعاون مع المعالج جمع وترتيب إمكانيات ما بعد المعالجة (العناية اللاحقة أو النقاهة) ويمكن في كثير من الحالات أن ينصح مثلا بالانضمام لإحدى مجموعات المساعدة الذاتية أو عروض المعالجة بالحركة البدنية أو تمارين الاستمرار والتحمل بشكل جدي مثلا وذلك بالإضافة إلى المعالجة النفسية ويمكن أن يكون تعلم تمارين الاسترخاء نافعاً أيضاً.


   (سلمان،2015،21).


 


 ما الذي يمكن فعله للوقاية من الاضطراب؟


قد تعود أعراض الاضطراب إليك مرة أخرى ولهذا السبب فإن الوقاية من الانتكاس مهمة والوقاية جزء من العلاج المتخصص ولكن بإمكانك أنت أيضا اتخاذ بعض التدابير لتقليل الأعراض:


1.    احترس من الضغوط وعلامات الإنذار المبكرة:


من المهم أن تناقش التجارب بعمق حتى تستطيع تخطيها والاستفادة منها كما أن المناقشة قد تمكنك من تجنب وضع نفسك في مواقف ضاغطة مشابهة في المستقبل أو تعلمك أساليب جديدة للتعامل مع الضغط.


وإذا استطعت تحديد الأعراض التي تعد بمثابة إشارات إنذار فإن ذلك سيسهل طلب المساعدة في الوقت المناسب وقد تكون العلامات الأولى لاضطراب المجهد ما بعد الصدمة أن تبدأ نوبات الهلع تصيبك أو يتغلب عليك سلوك الإحجام أو تجد صعوبة في التذكر أو تلاحظ تغيرات في شخصيتك.


ويمكن للطبيب أو الممرض أو الطبيب النفسي أن يساعدك على التعرف على علامات الإنذار المبكر والمواقف التي تسبب الانتكاسة والاستراتيجيات المناسبة للتعامل مع ذلك. 


2.    أشرك أسرتك:


تؤدي أسرتك دورا رئيسا في الوقاية حيث يمكنهم المشاركة في الاستشارات أثناء حصولك على العلاج والتعرف على المرض ودورته وعلاجه وأفضل طريقة للتعامل مع مراحله المختلفة كما يمكن لأسرتك أن تقدم معلومات مهمة وغالبا ما يكون أفراد الأسرة أول ما يلاحظ التغييرات في السلوك أو يدرك الضغط الذي تمر به ولهذا فإذا ظهرت أي أعراض جديدة لهذا الاضطراب يمكن للأسرة توفير الدعم بالتعامل مع الموقف كما ينبغي ومساعدتك في اللجوء للمتخصصين.


3.    الدواء:


يساعد العلاج الطبي على تقليل خطر عودة أعراض الاضطراب وكثيرا ما يفكر المرضى في التوقف عن تناول العلاج بمجرد شعورهم بالتحسن إلا أنه من المهم أن تتبع أوامر الطبيب بخصوص جرعة العلاج ومدته إذا شعرت بأي تأثيرات جانبية مزعجة فيجب عليك أن تبحث عن حل لها بالتشاور مع الممارس العام.


وعامة ينصح بمواصلة العلاج الطبي لمدة تتراوح بين ستة أشهر لسنة على الأقل بعد اختفاء الأعراض وتتوقف مدة العلاج الموصي بها أكثر ما تتوقف على حدة الحالة فبعض المصابين يحتاجون للحصول على علاج طبي لعدة سنوات في حين يحتاج آخرون للعلاج مدى الحياة.


  (جورجين أجارد، 2017،17)


 


 كيف يمكنك أن تساعد نفسك إذا كنت تعاني من اضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية:


1-    استفد من شبكة علاقاتك اطلب المساعدة ممن تشعر بالأمان معهم لا تخف من إخبارهم بما تحتاجه سواء كانت مساعدة عملية أو مجرد أن ينصتوا لك جيداً


2-    أخبرهم بما حدث بمجرد أن تصبح مستعدا لذلك فليس هناك أي متعة في الاحتفاظ بالأفكار المزعجة والكوابيس لنفسك لا تقلق من أن تكون عبئاً ولا تتجنب أن تقول شيئا خوفاً من أن تصديق الآخرين.


3-    لا تكتم مشاكلك إذا استمرت فقد يصل الأمر في أسوأ الحالات إلى أن تصبح التبعات مزمنة راجع مرة أخرى بعد شهر إذا وجدت أنك لم تسترح فيجب عليك طلب المساعدة.


4-    استفد من خدمات المتخصصين المتاحين لك فاستشارة مع طبيب نفسي مثلاً قد توضح لك الكثير من الأفكار التي تدور في رأسك والكثير من المرضى يشعرون بتحسن بعد ذلك.


5-    تقبل ردود فعلك قد يراودك شعور أنك لم تعد تستطيع (التحكم) في حياتك وقد تشعر بمشاعر عارمة لم يسبق لك أن مررت بها من قبل وقد يتفاعل جسمك مع كل هذا بالألم وعدم الراحة والاضطراب.


6-    اعرف مرضك الممارس العام والطبيب النفسي قد يساعدانك على فهم الأعراض التي تمر بها ويقدمان لك دون مناقشة الأمر مع الممارس العام.


7-    تجنب تناول المنشطات والكحول لأنها قد تعيق تأثير علاجك ويزيد خطر حدوث المزيد من الأعراض.


 (جورجين أجارد،2017،19)


 


قائمة المراجع و المصادر:


1-الاضطرابات الناتجة عن الصدمة النفسية والاضطراب المجهد بعد الصدمة الأسباب والتداعيات والمساعدات، رمضان سلمان، 2015. 


2- اضطراب الكرب التالي للصدمة عند البالغين الاضطراب والعلاج وسبل الوقاية، جورجين أجارد، 2017.


    

التعليقات (0)

مشاركة

update.share_this_post_with_others