القلق الاجتماعي (لماذا ينظرون الي)

إنشاء بواسطة أسعد الخضر في الاضطرابات النفسية 15 أكتوبر 2023
مشاركة

القلق الاجتماعي (لماذا ينظرون الي)


الاخصائي النفسي حسين الكنش


يهدف هذا المقال إلى مساعدتك على:


-        التعرف على القلق الاجتماعي.


-        التعرف على كيفية حدوث القلق الاجتماعي.


-        كيف يمكنني التغلب على اضطراب القلق الاجتماعي.


" أخشى الذهاب إلى أماكن قد أضطر فيها إلى التحدث مع الناس، قبل الذهاب أفكر أنني سأفعل أو سأقول شيئاً غبياً وسيظنون أنني أحمق، لا أظن أن أحداً يشعر كما أشعر، الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها مواجهة الناس هي أن أبقى صامتاً. وأن أراقب نفسي للهروب قبل ظهور علامات القلق."


" إذا اضطررت أن أتحدث في اجتماع لا أستطيع التأقلم مع الموقف. رجلاي تسير ببطء أشعر بغثيان وتعب، أشعر أن الجميع يراقبونني عن قرب، أعلم أنه أمر مخيف وأن الآخرين لا يواجهون الذي أواجهه، أستمر بالتفكير بعد ذلك بأن الجميع يشعرون أنني لست أهلا للعمل.. "


هذه الأقوال هي لأشخاص يعانون من القلق الاجتماعي، وهي مشكلة شائعة رغم أن الناس لا يتحدثون عنها كثيراً. وتختلف نسب انتشار القلق الاجتماعي من مجتمع لآخر وتتراوح بين 5,6% و13,7 % وتتفق أغلب الدراسات بأن نسبة الانتشار تكون أعلى عند الاناث مقارنة بالذكور، ومن الوارد أن يصبح القلق الاجتماعي من المشاكل المزمنة إذا لم يُعالج.


 


 1- ما هو القلق الاجتماعي؟


ويعرف القلق الاجتماعي بأنه قلق أو خوف الفرد من أن يتم تقييمه من قبل الآخرين بطريقة سلبية مما قد يعرضه للسخرية والاستهزاء والاحراج أو الإهانة او الرفض أو الإساءة من قبل الآخرين.


 


2- هل أعاني من القلق الاجتماعي؟


لا يعد الشعور بالخجل أ عدم الراحة في مواقف معينة بالضرورة مؤشرا على اضطراب القلق الاجتماعي وبخاصة لدى الأطفال، وتتفاوت مستويات الشعور بالراحة في المواقف الاجتماعية تبعـاً لسمات الشخصية وتجارب الحياة. فبعض الأشخاص متحفظون بطبعهم، والبعض الآخر أكثر انفتاحاً. وهناك مجموعة واسعة من الأعراض التي يمكن أن تحدث في المواقف الاجتماعية أو قبلها والتي قد تعد مأشراً على أنك تعاني من القلق الاجتماعي وتشمل (الاعراض الجسدية، النفسية، التجنب).


أ- الأعراض الجسدية: تعد الاعراض الجسمية من أكثر الاعراض انتشارا وهي قابلة للملاحظة من قبل الشخص الذي يعاني من القلق الاجتماعي ومنها


تسارع ضربات القلب               التعرق                التلعثم             جفاف الفم


ضيق التنفس                توتر العضلات        احمرار الوجنتين      الغثيان الدوخة أو الدوار


صداع                   آلام المعدة            الارتجاف                 زيادة الرغبة في التبول


ب- الأعراض النفسية:


القلق                الاكتئاب            الارتباك الزائد                      التوتر        


الاحراج              الخجل       الكرب او الضيف العاطفي              انعدام الأمن


الأفكار السلبية (على سبيل المثال سأفشل في تلبية توقعات الآخرين)


الخوف من مواقف الأداء والمطالب المتوقعة        المخاوف قبل المواقف الاجتماعية


الخوف من الخوف في المواقف الاجتماعية           زيادة مراقبة العلامات الجسدية


الشعور بأن عقلك قد فرغ تماماً


خوف من أعراض جسدية واضحة مثل الاحمرار والارتجاف والتلعثم


الحساسية المفرطة للنقد أو التقييم السلبي من قبل أشخاص آخرين


ج- تجنب المواقف الاجتماعية الشائعة مثل:


التعامل مع أشخاص غرباء حضور         الحفلات أو اللقاءات الاجتماعية


الذهاب إلى العمل أو المدرسة                بدء محادثات مع الآخرين


التواصل البصري                             دخول غرفة فيها أشخاص آخرون


تنازل عن حق يقتضي مواجهة اجتماعية     تناول الطعام والشراب أمام الآخرين


وقـد يعبـر الأطفـال عـن قلقهـم مـن التفاعل مع البالغين أو أقرانهـم عـن طريـق البكاء أو نوب الغضب أو التعلق بالوالدين أو رفض الحديث في المواقف الاجتماعية وقد تتغيـر أعراض اضطراب القلق الاجتماعي بمرور الوقت، فقد تشتد إذا كنت تواجه كثيراً من التغيرات أو التوتر أو مطالب في حياتك.


 


3- كيف يحدث القلق الاجتماعي؟


من أجل فهم اضطراب القلق الاجتماعي لابد من فهم أسبابه والتي يمكننا تقسيمها إلى ثلاث مجموعات (العوامل المهيأة للإصابة بالمرض، العوامل المعجلة للإصابة بالمرض، العوامل الداعمة التي تبقي على المرض


أ - العوامل المهيأة (للإصابة بالمرض) وهي نوعان:


أولاً- الاستعداد البيولوجي


أ - حساسية مبالغ فيها للملاحظة والتقييم من قبل الآخرين.


 ب - فرط نشاط الجهاز العصبي المستقل الودي الذي يفسر سرعة وشدة الأعراض الفسيولوجية بعد ظهور الضغوطات الطفيفة.


ثانياً- تأثيرات محيطية مختلفة


أ - والدية: الآباء والأمهات لديهم فرط في الحماية أو الذين هم أنفسهم متجنبون والذين يقدمون مثالاً للسلوكيات التجنبية


ب - مجتمعية: تولي بعض المجتمعات، مثل المجتمع الياباني، أهمية أكبر لآراء الغير أكثر من المجتمعات الأخرى.


يؤدي الجمع بين هذه العوامل البيولوجية والبيئية إلى تطوير معتقدات مختلة مثل:


1- رغبة مبالغ فيها في ترك انطباع جيد تجاه الغير، وتحقيق أداء اجتماعي شبه مثالي، المعتقدات الكامنة وراء هذه الرغبة هي من نوع، " لكي أكون سعيدا وراضي عن نفسي، أحتاج حتما إلى أن أحظى بالحب والموافقة والإعجاب من الجميع، يجب ألا تظهر لي علامات الضعف، تستند قيمتي الشخصية على تقدير الغير


2- يظهر تدني تقدير الذات بشكل خاص من انطباع انه غير كفئ اجتماعياً، يمكن أن يتجلى هذا من الاعتقاد في الحديث الداخلي من نوع: " أنا شخص محرج اجتماعيا ... غير مهم ... غير ودي لديه الكثير ليقوله ... ولا يعرف كيف يقول ذلك ... " تقدير ذات منخفض والشعور بعدم الكفاءة الاجتماعية غالبا ما يكونان مصدر مشكل في توكيد الذات


ب - العوامل المعجلة (للإصابة بالمرض) على الرغم من رغبته المبالغ فيها في الإرضاء وخوفه من التقصير ، فقد يتمكن القلق اجتماعياً في كثير من الأحيان من أداء جيد إلى حد ما في المجتمع حتى بداية المراهقة ، غالبا ما يكون خجولا ومتحفظا بعض الشيء ولكن ليس أكثر من ذلك ، لكن خلال فترة المراهقة ، تتزايد المطالب المتعلقة بالعلاقات بين الأشخاص ، خاصة بعد إضفاء الطابع الجنسي العلاقات بين الأولاد والبنات ، بعد ذلك ، يتعرض القلق اجتماعيا لأنواع من الفشل يكون أحيانا صادما بشكل شخصي للغاية ، مثل الصعوبات في التعبير عن نفسه أو التصرف أمام مجموعة أو شخص من الجنس الآخر . يقوم بتعظيم هذه الإخفاقات خاصة وانه يشعر ويظهر أكثر من غيره أعراض فسيولوجية بسبب قلقه: الهزات أو الاحمرار أو التعرق أو غيرها، والنتيجة هي فقدان الثقة المتزايد بقدراته على التعامل مع العلاقات مع الآخرين، والخوف المبالغ فيه من معايشة نفس الصعوبات مرة أخرى وغالبا ما يبدأ هذا المرض حقا.


د - العوامل الداعمة (التي تبقي على المرض) في هذه المرحلة، تساهم عدة عوامل في تثبيت الأعراض وإبرازها:


1- التشوهات المعرفية: عندما يكون القلق اجتماعيا في وجود الآخرين، يميل إلى التركيز بشكل حصري تقريبا على استجاباته الفسيولوجية وعلى سلوكياته بدلاً من التركيز على ردود أفعال وسلوكيات الافراد من حوله وهو يهتم قبل كل شيء بأدائه بدلاً من الاهتمام بالتواصل الفعال، وبالتالي فهو يحرم نفسه من المؤشرات التي تسمح له بتقييم الوضع بشكل أفضل وهذا يؤدي إلى تشوهات معرفية متعددة تؤدي إلى تفاقم المشكلة: أ - فهو يشخص في هذا المعنى اعتقاده حول كونه موضوع ملاحظة الآخرين أكثر مما هو عليه في الواقع. ب - إذا أظهر أي أعراض ملحوظة مثل الرعاش أو الاحمرار، أو التعرق، أو التأتأة، فإنه يبالغ في أهميتها وفي درجة انتباه المحيط لها. ج - إذا كان يعتقد أنه مراقب وشعر أن من حوله يدركون انزعاجه، فإنه يعتقد أنه يتم الحكم عليه بقسوة أكبر مما هو متوقع في العادة، يرجع هذا الانطباع أساسا إلى ما يمكن تسميته بالتفكير " الانفعالي "، أي انه يرتكز على انفعالات محسوسة بدلاً من المنطق، على سبيل المثال، إذا كان يشعر بالقلق أو الإهانة أو إذا كان لديه انطباع بأنه يتم الحكم عليه بقسوة.


2- التجنب: تساهم التشوهات المعرفية في زيادة القلق، الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الأعراض الجسدية لدرجة أنها تتحول أحيانا إلى نوبات هلع كاملة، ينتج عن الأعراض ككل معاناة شديدة لدى القلق اجتماعيا الذي يبدأ في تجنب الاتصالات الاجتماعية التي هي مصدر هذه المعاناة، يؤدي هذا في بعض الأحيان إلى خلل في العلاقات مع الآخرين مما قد يتسبب في ضرر كبير للشخص المعني.


3- السلوكيات الأمنة: عادة ما يطور القلق اجتماعياً سلسلة كاملة من الاستراتيجيات لتقليل أو إخفاء أعراضه: يحضر بعناية للتجمعات الاجتماعية. البقاء صامتا أو التحدث قليلاً وبسرعة إذا لزم الأمر، البقاء بعيدا قليلاً حتى يستطيع ان يبتعد دون أن يلاحظك أحد في حالة الإحراج، وتناول الطعام والشراب بأقل قدر ممكن إذا كان يخاف أن يرتعش.. هذه هي الاستراتيجيات التي تطلق عليها اسم " السلوكيات الأمنة "، على المدى القصير، فهي توفر بعض الراحة للقلق اجتماعيا لأنها تسمح له بتجنب مواجهة موضوع خوفه، وعلى عكس ذلك فهي ضارة على المدى المتوسط أو الطويل لأنها تزيد من اعتقاده بخطورة الموقف الذي يجب تجنبه وكذلك قدرته على التعامل معها بالشكل المناسب.


وهذا المزيج من العوامل المهيأة والمعجلة والداعمة هو مسؤول عن ظهور أعراض القلق الاجتماعي الإبقاء عليه وإبراز الأعراض لدى القلق اجتماعيا.


 


4- كيف يمكنني التغلب على اضطراب القلق الاجتماعي؟


من المهم اثناء رحلة العلاج:


أولاً: ركز على الأداء الذي تقوم بتقديمه وليس على نفسك أو الآخرين


عندما تكون في موقف اجتماعي قد تكون مقتنعاً أن الجميع ينظر اليك ويحكم عليك. هذا يمنعك من التركيز بشكل كامل على المحادثات من حولك أو على الأداء الذي تقدمه.


تذكر أن القلق ليس مرئياً كما تعتقد. وحتى إذا لاحظ شخص ما أنك متوتر، فهذا لا يعني أنه سيفكر بك بشكل سيء. من المحتمل أنك متوتر فهذا لا يعني أنه سيفكر بك بشكل سيء. من المحتمل أن يشعر الآخرون بالتوتر الذي تشعر به تماماً أو شعرت به في الماضي.


ثانياً: تعلم كيفية التحكم في تنفسك


غالباً ما ينصب تركيزك في المواقف الاجتماعية على أحاسيسك الجسدية على أمل أنه من خلال إيلاء المزيد من الاهتمام الوثيقة يمكنك التحكم فيها بشكل أفضل لكن هذا التركيز المفرط على الذات يجعلك أكثر وعياً بمدى شعورك بالتوتر


تحدث العديد من التغيرات في جسمك عندما تصبح قلقاً. احد التغيرات الأولى هو أن تبدأ في التنفس بسرعة يؤدي الإفراط في التنفس (فرط التنفس) الى إعاقة توازن الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الجسم مما يؤدي إلى المزيد من الأعراض الجسدية للقلق، مثل الدوخة والشعور بالاختناق وزيادة معدل ضربات القلب وتوتر العضلات.


يمكن أن يساعد تعلم ابطاء تنفسك في إعادة السيطرة على الأعراض الجسدية للقلق. ستساعدك ممارسة تمرين التنفس على البقاء هادئاً.


ثالثاً: واجه مخاوفك


قــد تتصور أنـه لا يمكنك مواجهة الموقف الاجتماعي الذي يصعب مواجهته، يمكنك القيام بذلك عن طريق اتخاذ خطوة صغيرة واحدة في كل مرة. لا تحاول مواجهة أكبر مخاوفك على الفور. لأنه قد يؤدي الى نتائج عكسية ويزيد من قلقك كــن صبوراً. يتطلب التغلب على القلق الاجتماعي وقتاً وممارسة. إنه تقدم تدريجي خطــوة بخطــوة، المفتاح هو أن تبدأ بموقف يمكنك التعامل معه والعمل تدريجياً في طريقك إلى مواقف أكثر تحديا.


رابعاً: ابذل مجهوداً لتكون اجتماعياً بشكل أكبر


فكر في التدرب على المواقف التالية:


تناول الطعام مع أحد أقربائك أو أصدقائك أو معارفك المقربين في مكان عام.


تعمّد التواصل بصرياً مع الآخرين، ورد التحية إليهم، أو بادر أنت بإلقاء التحية عليهم.


اتصل بصديق لوضع الخطط.


احرص على مجاملة الآخرين.


اطلب من موظف المبيعات مساعدتك على العثور على شيء ما.


خامساً : اتباع أسلوب حياة مضاد للقلق


ستساعدك نصائح نمط الحياة التالية على تقليل مستويات القلق العامة لديك وتمهيد الطريق لعلاج ناجح.


تجنب الكافئين أو قلل منه - تعمل القهوة والشاي ومشروبات الطاقة كمنشطات تزيد من أعراض القلق. ضغ في اعتبارك الاستغناء عن الكافئين تماماً ، أو إبقاء تناولك منخفضاً ومحدودا في الصباح . الإقلاع عن التدخين - النيكوتين منشط قوي . خلافاً للاعتقاد الشائع ، يؤدي التدخين إلى مستويات أعلى وليس أقل من القلق .


أضف المزيد من دهون أوميغا 3 إلى نظامك الغذائي . أفضل المصادر هي الأسماك الدهنية.


كن نشيطاً - اجعل النشاط البدني أولوية 30 دقيقة يوميا إن أمكن. احصل على قسط كافٍ من النوم الجيد.


ستساعدك نصائح نمط الحياة على تقليل مستويات القلق العام لديك وتمهيد الطريق للعلاج.


إذا لم تساعدك الطرق السابقة في التعامل مع القلق اطلب المساعدة من مختص نفسي خبير.


 


قائمة المراجع:


1-        ريان الجهني (2019) القلق الاجتماعي (الرهاب) دليل المساعدة الذاتية


2-        غادة الخضير(2019) العلاج النفسي لاضطراب القلق الاجتماعي


3-        محمد الصبوة (2008) العلاج المعرفي السلوكي لعينة من حالات الرهاب الاجتماعي


-       4- Louis Chaloult (2014) Guide de pratique pour evaluation et  le traitement cognitive comportemental du trouble anxiete sociale.

التعليقات (0)

مشاركة

update.share_this_post_with_others