اضطراب الاكتناز القهري (Hoarding Disorder) يُعرَّف بأنه صعوبة مستمرة في التخلص من الممتلكات، بغض النظر عن قيمتها، نتيجة الشعور بالضيق أو الحاجة الملحة للاحتفاظ بها، مما يؤدي إلى تراكمها بشكل يعيق استخدام أماكن المعيشة ويؤثر سلبًا على الوظائف الاجتماعية والمهنية للفرد (يون، 2018؛ جيمي فوستر وساكسانا، 2005). يُظهر المرضى عادة انسحابًا اجتماعيًا وزيادة القلق المرتبط بالفرز والتخلص من الأشياء، ويُعد هذا الاضطراب أحد أشكال اضطرابات الوسواس القهري، لكنه يمتلك خصائص عصبية ومعرفية مميزة (DSM-5، 2013).
1. الاكتناز والادخار المفرط: احتفاظ بأغراض غير ضرورية مثل الملابس القديمة، الصحف، البريد، الكتب، وحتى الحيوانات (يون، 2018).
2. تراكم الفوضى: تصبح المساحات المعيشية مزدحمة لدرجة تمنع استخدامها بالشكل الطبيعي.
3. الضائقة الوظيفية والاجتماعية: يسبب الاكتناز ضعفًا في الأداء المهني والعلاقات الاجتماعية، ويزيد خطر الحوادث المنزلية (يون، 2018).
4. ضعف البصيرة: غالبًا ما يعتقد المرضى أن سلوكياتهم طبيعية أو ضرورية، رغم وجود أدلة على العكس.
1 العمر: بالنسبة لبعض الأشخاص فإن الاكتناز القهري قد يكون ظاهرة مميزة مدى الحياة، في حين يتطور الاكتناز لدى البعض الآخر في وقت لاحق كرد فعل للضغط أو الخسارة
2-الطبيعة الشخصية: طبيعة هؤلاء الأشخاص تتسم بالتردد والحيرة في اتخاذ القرار
3-الجانب الوراثي: أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية كون العامل الوراثي له دورا كيرا في الإصابة بمرض الاكتناز القهري، وربما يكون في الأسرة أكثر من شخص مصاب بهذا المرض
4-أسباب بيولوجية: في بعض الحالات يكون السبب في إصابة بعض الأشخاص بمرض الاكتناز القهري كون الجزء المتعلق باتخاذ القرارات في الدماغ يعاني من خلل ومشكلات في أداء الوظيفة بشكل تام
5- العزلة الاجتماعية والوحدة: قد يجد بعض الأشخاص بديل عن الناس بتلك المقتنيات، فربما كانت العزلة الاجتماعية الحادة تجعل كثير من الأشخاص يشعرون بالراحة والأمان لاحتفاظهم بتلك الأشياء.
6-الأحداث والتجارب المؤلمة: إن كثير من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الاكتناز القهري تعرضوا لحادث مؤلم كوفاة أحد أفراد الأسرة، أو شخصا عزيزا، أو الطلاق، أو الطرد من العمل أو فقدان بعض الممتلكات
أظهرت الدراسات باستخدام PET أن المرضى المصابين باضطراب الاكتناز لديهم نشاط دماغي مختلف عن مرضى الوسواس القهري التقليدي:
انخفاض التمثيل الغذائي في التلفيف الحزامي الخلفي والقشرة القذالية الأمامية.
ضعف الانتباه واتخاذ القرار.
العلاقة بين شدة الاكتناز وضعف الاستجابة للأدوية مثل فلوفوكسامين.
تشير هذه النتائج إلى أن الاكتناز القهري متغير عصبي متميز ضمن طيف اضطرابات الوسواس القهري (جيمي فوستر وساكسانا، 2005).
تفسر النظريات النفسية اضطراب الاكتناز القهري وفقًا لتوجهاتها المختلفة.
النظرية السلوكية: ترى أن سلوك الاكتناز يمثل استجابة شرطية للمثير، حيث يُحفَّز القلق عند محاولة التخلص من الأغراض، ويصبح تجميع الأشياء استجابة معززة تقوي هذا السلوك (Grisham & Barlow, 2005).
النظرية الإنسانية / فرويد إريك فروم: يرى إريك فروم أن الأفراد يسعون لتملك الأغراض كطريقة للتواصل مع العالم الخارجي، ويعتبر الاكتناز أحد سمات الشخصية غير المنتجة التي تتسم بالانسحاب والانطواء والشك والمبالغة في النظام. في هذا السياق، يستمد الأشخاص شعورهم بالأمان من خلال تخزين الممتلكات ويصبحون أكثر ارتباطًا بها من الآخرين (Grisham & Barlow, 2005).
النظرية المعرفية السلوكية (CBT): تعتبر الاكتناز مشكلة متعددة الجوانب، تنشأ عن خلل في معالجة المعلومات، مشاكل في الارتباط الوجداني، ومعتقدات خاطئة حول طبيعة الممتلكات (Frost & Hartl, 1996). وقد دعمت الدراسات الحديثة هذا النموذج، حيث أظهرت أن العوامل التنموية المبكرة، مثل ذكريات الدفء الأسري، قد تؤدي إلى ارتباط عاطفي تعويضي لدى الأفراد المصابين بالاكتناز القهري (Körner, Mogan, Moulding, Frost, Yap, & Fassnacht, 2017).
التحليل النفسي الكلاسيكي: اعتبر فرويد الاكتناز القهري جزءًا من ثالوث المرحلة الشرجية (الانتظام، البخل، العناد)، وهو ما يعكس مشاركة هذه المرحلة في التطور النفسي الجنسي للشخصية (Grisham & Barlow, 2005).
تجمع هذه النظريات بين العوامل السلوكية، المعرفية، العاطفية، والتنموية، مما يوضح أن الاكتناز القهري ليس مجرد سلوك فردي، بل نتاج تفاعل معقد بين الجوانب النفسية والفسيولوجية والاجتماعية.
ولقد ورد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الدليل
الخامس أن معايير تشخيص اضطراب الاكتناز القهري هي:
1- صعوبة ثابتة في التخلص أو فراق المقتنيات بغض النظر عن قيمتها الفعلية.
2-تنشأ هذه الصعوبة من الحاجة المتصورة لادخار الأشياء أو الضائقة المرتبطة بالتخلص منها.
3-صعوبة التخلص من المقتنيات تؤدي إلى تراكمها مما يسبب ازدحاما ويحيل مناطق المعيشة إلى ركام مما يحد بشكل كبير من الاستخدام المقصود منها إذا كانت مناطق المعيشة مرتبة، فالسبب فقط هو تدخلات من أطراف ثالثة على سبيل المثال (السلطات، عمال النظافة، أفراد الأسرة).
4-يسبب الاكتناز إحباطاً كلينيكياً (مرضياً) هاماً أو ضعفاً في الأداء في المجالات المهنية والاجتماعية وغيرها من مجالات الأداء الهامة الأخرى.
5-لا يعزى الاكتناز إلى حالة طبية أخرى مثل (الأمراض الوعائية الدماغية. متلازمة برادر ويلي، إصابات الدماغ)
6-لا يفسر الاكتناز بشكل أفضل بأعراض اضطراب عقلي آخر مثل الوساوس في اضطراب الاكتناز القهري، وانخفاض الطاقة في الاضطراب الاكتئاب الجسيم. والأوهام في الفصام أو الاضطرابات الذهانية الأخرى، العجز المعرفية في الاضطراب
العصبي المعرفية، الاهتمامات المحددة في اضطراب طيف التوحد.
٧-إذا ترافقت صعوبة التخلص من المقتنيات بالاستحواذ المفرط للأشياء غير الضرورية أو التي لا تتوفر لها مساحة..
٨-مع بصيرة جيدة أو مناسبة يدرك الفرد أن معتقدات وسلوكيات الاكتناز إشكالية
ذات صلة بصعوبة التخلص من المقتنيات، والاستحواذ المفرط
9-الإفتقار إلى البصيرة (الاستبصار)، حيث يكاد يكون الفرد مقتنعاً أن معتقدات وسلوكيات
الاكتناز ليست بإشكالية على الرغم من الأدلة المتناقضة ذات الصلة بصعوبة التخلص من المقتنيات، والاستحواذ المفرط
١٠. مع غياب البصيرة (معتقدات وهمية (يكون الفرد مقتنعاً تماماً بأن معتقدات وسلوكيات الاكتناز ليست بإشكالية على الرغم من الأدلة ذات الصلة بصعوبة التخلص من المقتنيات، والاستحواذ المفرط، وتراكم الأشياء
1. الشراء القهري: غالبًا ما يترافق الاكتناز مع سلوك الشراء المفرط، حيث يزداد تراكم الأشياء بسبب شراء عناصر جديدة بدل التخلص من القديمة.
2. اضطرابات القلق والاكتئاب: تزيد هذه الاضطرابات من صعوبة اتخاذ القرار وإدارة الفوضى.
3. الوظائف التنفيذية: ضعف التخطيط والتنظيم مرتبط مباشرة بشدة الاكتناز.
الاسم المستعار: سامر
العمر: 52 سنة
الجنس: ذكر
المهنة: موظف حكومي متقاعد
المستوى التعليمي: معهد متوسط
الحالة الاجتماعية: متزوج، لديه 3 أبناء بالغين
وصف الحالة
سامر يعيش في منزل متوسط الحجم في إحدى المدن السورية. منذ سنوات، بدأ يجمع الملابس القديمة، الصحف، الكتب، الأوراق الإدارية القديمة، وأغراض منزلية متنوعة دون تنظيم. يرفض التخلص من أي عنصر، حتى لو لم يعد له أي قيمة عملية، ويظهر قلقًا شديدًا عند محاولة أي شخص التدخل أو التخلص من شيء من ممتلكاته.
مع مرور الوقت، تراكمت الأغراض في غرفة المعيشة والمطبخ وحتى في الممرات، مما يجعل الحركة داخل المنزل صعبة، ويعيق استخدام بعض المساحات لأغراضها الطبيعية. سامر أصبح منعزلًا اجتماعيًا تقريبًا، ويقلل من استقبال الضيوف أو المشاركة في نشاطات العائلة، خوفًا من انتقاداتهم حول الفوضى.
الأعراض الرئيسية
الاكتناز والاحتفاظ المفرط: كل ما يصل إليه من أغراض يحتفظ به، بما في ذلك الملابس القديمة، الصحف، الأوراق، والكتب.
تراكم الفوضى: مساحات المعيشة مزدحمة للغاية.
الضائقة الاجتماعية والعائلية: توتر بينه وبين الزوجة والأبناء بسبب الفوضى، انسحاب اجتماعي.
ضعف البصيرة: مقتنع بأن كل هذه الأشياء ضرورية وأن التخلص منها قد يسبب له مشكلة مستقبلية.
مشكلات وظيفية: لم يعد يستقبل أي أوراق أو مستندات جديدة في المنزل بسبب ازدحام المكتب المنزلي، ويضطر أحيانًا لتأجيل أعماله البسيطة.
العوامل المصاحبة
التاريخ الشخصي: شخصية تميل إلى الحذر والتمسك بالممتلكات منذ الطفولة.
العوامل البيئية: الحرب والأزمات الاقتصادية في سوريا زادت من خوفه من فقدان الموارد أو الحاجة في المستقبل.
العوامل العصبية والمعرفية: ضعف التركيز وصعوبة اتخاذ القرار عند فرز العناصر، انخفاض مستوى التنظيم الذاتي.
تقييم الحالة
شدة الأعراض: شديدة، مع تأثير كبير على الحياة اليومية.
البصيرة: ضعيفة إلى متوسطة.
المخاطر: الفوضى تسبب خطورة على الحركة داخل المنزل وإمكانية حدوث حوادث
الهدف من السيناريو
هذا السيناريو يعكس حالة نموذجية للاكتناز القهري، ويُمكن استخدامها كأساس لتطبيق خطة العلاج CBT من 12–16 جلسة، مع التركيز على:
مواجهة التراكم تدريجيًا.
تعزيز مهارات التنظيم واتخاذ القرار.
تعديل المعتقدات الخاطئة حول الحاجة للاحتفاظ بالأشياء.
تحسين التفاعل الاجتماعي وتقليل العزلة.
منع الانتكاس وتعزيز السلوكيات الإيجابية.
خطة علاجية معرفية سلوكية (CBT)
مدة العلاج: 12–16 جلسة، بمعدل جلسة واحدة أسبوعيًا
أهداف العلاج العامة
1. تقليل تراكم الأشياء في المنزل وتحسين مستوى التنظيم.
2. زيادة قدرة المريض على اتخاذ القرار والتخلص من العناصر غير الضرورية.
3. تقليل القلق المصاحب لعملية التخلص.
4. تعزيز البصيرة وتحسين المهارات اليومية.
5. منع الانتكاس وتعزيز السلوكيات الصحية.
الجدول المقترح للجلسات:
1+2 -تقييم الحالة وأخذ القصة السريرية مع تطبيق مقياس للاكتناز
3-وضع الأهداف العلاجية
4-تثقيف المريض حول الاكتناز استعراض الأعراض، التقييم العصبي النفسي، شرح طبيعة الاكتناز القهري
الجلسات 5–8: تطبيق تقنيات الاسترخاء والثبات النفسي
تعليم تقنيات الاسترخاء: التنفس العميق، الاسترخاء التدريجي للعضلات، الذكريات الإيجابية.
ممارسة التحكم في الأفكار والمحفزات الانفعالية المرتبطة بالاكتناز
تعزيز الصبر والتعرض التدريجي للفوضى والخوف من التخلص من الأشياء.
الجلسات 9–12: إعادة الهيكلة المعرفية والتعرض
إعادة هيكلة الأفكار السلبية والمعتقدات غير الواقعية حول الاحتفاظ بالعناصر.
تدريج التعرض المنهجي:
التخلص من عناصر قليلة مع مراقبة الاستجابة العاطفية.
زيادة صعوبة المهام تدريجياً (من العناصر الأقل أهمية إلى الأكثر أهمية).
مراقبة القلق والانزعاج وتطبيق استراتيجيات الاسترخاء عند الحاجة.
الجلسات 13–16: تعزيز الاستراتيجيات ومنع الانتكاس
مراجعة التقدم وتحفيز التزام المريض بالمهارات المكتسبة.
وضع خطة يومية/أسبوعية للحفاظ على التنظيم.
تدريب على التعامل مع الضغوط والمحفزات المستقبلية لمنع الانتكاس.
تقييم نهائي لتغيير السلوك ومستوى الضائقة.
جيمي فوستر، & سانجايا ساكسينا. (2005). برنامج العلاج المكثف لاضطراب الوسواس القهري. كلية ديفيد جيفن للطب، جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس.
محمد، س. م. س.، & السيد، ه. م. م. (2023). معدل انتشار اضطراب الاكتناز القهري في ضوء الجنس ونوع الدراسة لدى طلبة جامعة الزقازيق [بحث جامعي]. جامعة الزقازيق، كلية التربية. https://search.mandumah.com/Record/1350116
يون، ب. ب. شتوصيف. (2018). اضطراب الاكتناز: مراجعة. Geriatr Gerontol Aging, 12(1), 54–64.
American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and statistical manual of mental disorders (5th ed.). Washington, DC: Author.
Frost, R. O., & Hartl, T. L. (1996). A cognitive-behavioral model of compulsive hoarding. Behaviour Research and Therapy, 34(4), 341–350. https://doi.org/10.1016/0005-7967(95)00071-2
Grisham, J. R., & Barlow, D. H. (2005). Compulsive hoarding: Current research and theory. Elsevier Academic Press.
Körner, C., Mogan, S., Moulding, R., Frost, R. O., Yap, K., & Fassnacht, D. (2017). Developmental and cognitive predictors of hoarding severity. Journal of Obsessive-Compulsive and Related Disorders, 14, 9–16. https://doi.org/10.1016/j.jocrd.2017.01.002