اضطراب كرب ما بعد الصدمة عند البالغين

إنشاء بواسطة أسعد الخضر في الاضطرابات النفسية 15 أكتوبر 2023
مشاركة

اضطراب كرب ما بعد الصدمة عند البالغين


المعالجة النفسية ولاء حمزة


 


ما هي الصدمة النفسية ؟


مصطلح TRAUMA الصدمة النفسية أو الرضخ مأخوذ من اللغة اليونانية القديمة ويعني الجرح أو الإصابة فيمكن من جهة أن يكون الجرح جسدياً ولكن من جهة أخرى يصيب النفس الإنسانية أيضا.


يتكلم المرء عن الصدمة النفسية إذا كان حدث جسيم ما قد أدى أو يؤدي إلى جرح عميق في النفس بشكل مفاجئ ولمرة واحدة ويظهر بشكل متكرر أو بشكل مؤثر لفترة طويلة.


إحدى السمات المهمة للصدمة النفسية هي: أنه يمكن للشخص تقريبا أن يوجد لديه شك عميق في مثل هذه الحالة لأنه يشعر بخطر مباشر على حياته أو حياة شخص آخر.


 


أنواع الصدمات النفسية :


يتم في الطب التمييز بين عدة أنواع من الصدمات النفسية ويمكن لهذا التمييز أن يكون مهما من أجل الوصف الصحيح للمرض والمعالجة .


فيوجد أحداث فردية تستمر لفترة زمنية قصيرة مثل الحوادث الخطيرة أو الاغتصاب لمرة واحدة.


ويوجد بعدها مثل هذه الحالات التي تظهر بشكل متكرر وتستمر لفترة طويلة.


مثال لهذا: الاعتقال (الخطف) والتعذيب أو الاستغلال الجنسي الذي يحدث في فترات زمنية طويلة.


علاوة على ذلك يقسم الخبراء الصدمات النفسية إلى الصدمات النفسية التي يسببها الإنسان والصدمات التي لا يسببها الإنسان.


فالصدمات النفسية التي يسببها الإنسان يكون لها تبعات شديدة بشكل عام كصدمات نفسية بالمقارنة مع الصدمات النفسية التي لا يسببها الإنسان.  


 (سلمان، 6، 2015)


 


الصدمات النفسية التي يسببها الإنسان:


·       الحروب والتعذيب والاعتقال.


·       الاستغلال الجنسي وحالات الاغتصاب.


·       العنف الجسدي.


·       سوء معاملة الأطفال.


·       الإهمال في مرحلة الطفولة.


 


الصدمات النفسية التي لا يسببها الإنسان:


·       حوادث (السير، أو العمل).


·       الكوارث الطبيعية (الزلازل والفيضانات وثوران البراكين).


·       الأمراض الشديدة أو العمليات.


·       الموت المفاجئ وغير المتوقع لشخص ذو صلة وثيقة.


لكن لا تؤدي كل صدمة نفسية إلى الاضطراب النفسي بشكل تلقائي ولا يتطور الحال عند كل إنسان عاش أحداث صادمة نفسيا لاضطراب ناتج عن الصدمة النفسية.


 


ما هو الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية ؟


تظهر في العادة علامات الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية خلال ثلاثة أشهر بعد الحدث الصادم نفسياً.


إذا اختفت الأعراض خلال شهر واحد فيتم وصف هذا الاضطراب المجهد الحاد بحيث يختلف وضعه عن الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية والذي يستمر لفترة وجيزة ولا يحتاج في العادة لعلاج طويل متواصل.


إذا استمرت الشكاوى لفترة أطول فيمكن أن يدل هذا على الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية.


لا تظهر دائماً كل أعراض الاضطراب المجهد بعد الصدمة بشكل فوري فيصل عند البعض الأشخاص شكاوى لفترة قصيرة بعد الحدث الصادم نفسياً وعند الآخرين بعد عدة أشهر وتتطور الشكاوى عند بعض الناس بعد الحدث الصادم بسنوات عديدة (ابتداء من ستة أشهر يتم التكلم عن الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية ذو البداية المتأخرة).


(سلمان، 10، 2015).


 


توجد سمات معينة يمكن أن تساعد في معرفة الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية إذا ظهرت الإشارات التالية:


·       الذكريات المقتحمة واسترجاع الذكريات:


من أكثر أعراض اضطراب المجهد بعد الصدمة الملفتة للنظر عودة الذهن لا إرادياً إلى الماضي مسترجعا الحادث المسبب للصدمة وقد يحدث هذا فجأة ودون سابق إنذار


فمجرد منظر مثلا أو رائحة أو صوت مرتبط بالصدمة قد يأخذك إلى لحظة وقوع الحادث العنيف أو يعيد لك ذكرياته وكأنك تراها.


وقد يؤدي القلق الذي تثيره هذه الحالة إلى التوتر وتسارع دقات القلب والشعور بالاختناق والدوار.


·       الحساسية للمثيرات وتجنبها:


الحساسية لكل ما قد يسبب القلق أو الارتياب فقد يصبح لديك ميل للانتقاض مع أدنى ضوضاء فتنخفض قدرتك على تحمل الضوضاء والأصوات إلى أدنى حد حيث تصبح سريع الغضب ويثيرك أقل شيء وتجعل نوبات القلق والغضب التي لا تستطيع السيطرة عليها من الصعب عليك الوجود في صحبة الآخرين ولهذا تحاول تجنب الأنشطة الاجتماعية وكل ما يثير مشاعر سلبية و للأسف فإن هذه العزلة قد تؤدي لتفاقم الاضطراب لأنها تحد أو تقضي تماما على فرص عيش حياة هادفة تحصل فيها على وظيفة وتمارس الأنشطة الترفيهية.


· مشاكل بالنوم وكوابيس:


قد تواجه صعوبة في النوم أو تستيقظ عدة مرات أو تستيقظ مبكرا جدا ويستيقظ الكثير من المصابين والأفكار تزدحم في رؤوسهم.


كما يعانون من كوابيس والتي كثيرا ما تتعدد في الليلة الواحدة ومهما طالت مدة نوم المصابين فإنهم يستيقظون دون أن يرتاحوا من الإعياء ومزاجهم معتل.


·       مشاكل بالذاكرة والتركيز: 


يشعر بعض المرضى بتدهور في الذاكرة أو التركيز وجزء من ذلك يرجع إلى تركز جميع طاقتهم على (الحياة والموت والبقاء) بدلا من المهام المنطقية فالتنبه المبالغ فيه للأصوات وبعض المثيرات الأخرى التي قد تتسبب في عودة الصدمة يستنفد طاقتهم تماما وتجد هؤلاء المرضى ينسون الأعمال اليومية المهمة ولا يستطيعون تذكر المواعيد ويصعب عليهم التخطيط ويبدو عليهم الشرود ويبدو عليهم شرود الذهن والتردد.


·    تدهور الحالة الانفعالية:


يشعر بعض المصابين بانخفاض قدرتهم على إظهار انفعالات مثل الالتزام والتعاطف والشفقة والحب وقد يفقدون الرغبة في القيام بما اعتادوا الاستمتاع به من قبل وإلى جانب ذلك يقل اهتمام المصابين بالآخرين وبأنفسهم يعجزون عن الاستمتاع بالأعمال التي يجدها الإنسان الطبيعي ممتعة كما يشيع بين المصابين أيضاً انخفاض الرغبة الجنسية.


(جورجين أجارد، 7-8، 2017)


 


اضطراب المجهد التالي للصدمة المركب:  


بمجرد حدوث الإصابة باضطراب المجهد التالي للصدمة قد تتعقد الأعراض بظهور عدد من الاضطرابات النفسية والجسمانية ويعرف ذلك باضطراب المجهد التالي للصدمة المركب وعادة ما يكون المرضى المحالون إلى خدمات الصحة النفسية لتلقي العلاج على أيدي مختصين ومن أعراض هذا النوع:


·       الاكتئاب والشعور بالذنب


كثيرا ما يصاحب الاكتئاب شعور بالذنب وتأنيب الضمير كما يعاني المصابون من انخفاض مستوى اعتدادهم بأنفسهم وينظرون إلى أنفسهم نظرة سلبية كما قد يعانون من اكتئاب متوسط بينما يعاني البعض الآخر من اكتئاب حاد وقد يزيد الاكتئاب من الميل للعزلة مما يزيد من صعوبة التغلب على المرض.


·       التفكير بالموت أو الانتحار


يعاني المرضى غالبا من أفكار انتحارية تتراوح بين التفكير (كم سأرتاح لو لم أستيقظ في الصباح) إلى التفكير بالانتحار ذاته أو حتى التخطيط له.


ويتعذب الكثير من مرضى اضطراب المجهد بعد الصدمة بمثل هذه الأفكار وبعضهم معرض بنسبة كبيرة لخطر ارتكاب الانتحار. 


·       تغيرات بالشخصية


قد يمر البعض بتغيرات في الشخصية بعد بداية حدوث الاضطراب وقد يظهر ذلك في نوبات من الغضب أو الاستثارة أو القلق لا يستطيع المصاب السيطرة عليها وقد تبدو هذه النوبات للآخرين دون أي سبب أو لا تتناسب على الإطلاق في حدتها مع السبب ولهذا يجد المصابون بهذا الاضطراب صعوبة في صحبة الآخرين.


·       الاضطرابات الانفصالية والهلوسة


تعد الاضطرابات الانفصالية هروبا لا إرادي من الواقع وقد يشعر المريض بأن جسمه غير حقيقي بل وقد يمر بتجربة الخروج من الجسم ويتصرف بعض المرضى وكأنهم في حالة غشيان حيث يتوهمون أنهم استيقظوا فجأة بمكان غريب ولا يدرون كيف وصلوا إليه.


وقد يتعرض المرضى أيضا لهلاوس يسمعون فيها أصوات من كانوا في الحادث المسبب للصدمة يؤنبونهم أو يكلمونهم بأسلوب مسيطر أو قاطع.


ويندر ظهور الأعراض الذهانية الشديدة وتشيع أعراض الذهان الأخف أكثر وغالبا تكون مؤقتة.


·       فقدان الذاكرة


يتعرض بعض المرضى إلى فقدان كليا أو جزئيا فيما يتعلق بالحادث المسبب للصدمة وذلك لأنهم بذلوا قصارى جهدهم في كبت ذكرى هذا الحادث حتى وصلوا إلى مرحلة فقدان القدرة على تذكره ولكن بالرغم من أنهم بذلك قد (حجبوا هذه الذكرى) مؤقتا إلا أن القلق منها يظل ملازماً للجسم.


·       الانعزال والتغيرات الأساسية بالشخصية


قد تضمن الأعراض قلة الثقة بالآخرين وزيادة الارتياب والعدائية وهذه الأعراض قد تدفع من يعانون منها لعزل أنفسهم عن الأنشطة الاجتماعية فيبتعدون عن أصدقائهم وأسرتهم ويفتقرون للمبادرة ويفقدون الاهتمام بالمشاركة في الأنشطة الهامة ويؤدي ذلك إلى تغيرٍ تام في الشخصية.


·       القلق والطقوس الو سواسية


يشعر الكثير من المصابين بالقلق الذي يتراوح بين القلق الذي يحدث لأقل سبب ونوبات القلق ويصل القلق إلى القلق الشديد المتواصل ويعتاد الكثير من هؤلاء المرضى على بعض الطقوس الو سواسية لحماية أنفسهم من والقلق.


·       الأعراض الجسمانية


في الكثير من الأحيان توجد أعراض جسمانية شديدة يصعب تشخيصها مما يدفع للجوء كثيرا إلى الممارس العام بل وربما الأطباء المتخصصين أيضا وتجهد حالة الصدمة والتوتر طويل الأمد الجسم وقد تكون لها عواقب بعيدة الأثر.


وكثيرا ما يعاني المصابون من تسارع نبضات القلب وآلام بالصدر وصعوبة البلع ومشاكل بالمعدة وآلام بالجهاز الحركي تنغص عليهم حياتهم.


كما تتزايد عند المرضى مخاطر الإصابة بداء السكري وارتفاع ضغط الدم والتهاب المفاصل.


·       مشاكل الإدمان


يكثر مشاكل الإدمان وخاصة الكحول والأدوية المضادة للقلق نسبيا بين مرضى اضطراب المجهد بعد الصدمة المركب وذلك العلاج نتيجة تراجع مهارات حل المشكلات فضلا عن ضرر الإدمان بالصحة كما أثبت الدراسات.


(جورجين أجارد ، 9،10،11، 2017)


لذلك من المهم المعرفة بأنه من الممكن لأي إنسان أن يصاب بمثل هذا الاضطراب المجهد ويكون الإحساس بالخجل والذنب الذي يوجد عند المصابين تعبير عن عدم إمكانية نجاح التغلب على الصدمة ويجب أخذ الاضطرابات النفسية على محمل الجد مثلما هو الحال في الأمراض الجسدية وأن يتم معالجتها بشكل احترافي.


 


قائمة المراجع: 


·       الاضطرابات الناتجة عن الصدمة النفسية و الاضطراب المجهد بعد الصدمة النفسية الأسباب والتداعيات والمساعدات ،رمضان سلمان ، 2015


·       اضطراب الكرب التالي للصدمة عند البالغين الاضطراب والعلاج وسبل الوقاية ،جورجين أجارد ، 2017

التعليقات (0)

مشاركة

update.share_this_post_with_others