اضطراب كرب ما بعد الصدمة عند الأطفال
المعالجة النفسية ولاء حمزة
ما هو اضطراب الكرب ما بعد الصدمة؟
هو ردود الفعل التي يمكن أن يتعرض لها شخص ما بعد معايشته لتجربة أو لعدد من التجارب الشديدة الوقع مثل مروره بتجربة عرضت حياته للخطر أو التهديد بالقتل أو بعد تعرضه لإصابة خطيرة أو عنف جنسي.
يمكن للمرء أن يتعرض لاضطراب الكرب ما بعد الصدمة عند معايشته أو مشاهدته لحادث مروع ويمكن أن يتعرض المرء أيضاً لاضطراب الكرب إذا تعرض شخصاً مقرب له لعارض شديد وعادة ما يتأثر الطفل بنفس المستوى عند رؤية أحد مقرب إليه (مثل أحد الوالدين أو الأشقاء) يتعرض لمثل هذه الحوادث أو عندما يتعرض هو للشيء ذاته وفي مثل هذه الحالة يصاب الطفل بالرعب الشديد والشعور بالعجز الكامل وتفتت الأمان الأساسي.
ملاحظة:
هل يتعرض المرء المصدوم دائماً إلى اضطراب الكرب ما بعد الصدمة؟
لا، معظم الصدمات لا تؤدي إلى اضطراب الكرب ما بعد الصدمة ومن الطبيعي حصول الشخص على ردود فعل مجهدة خلال فترة قصيرة بعد التعرض لحادثة صعبة ولكن معظم الناس تقل عندهم ردود الفعل هذه بمرور الوقت ولكن يبقى لدى بعض الأفراد ردود فعل مستمرة وتصبح عائقاً في حياتهم اليومية.
كيف يبدو اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال؟
يمكن للأطفال أن يصابوا بالصدمة جراء الأحداث المرعبة وكلما حدثت الأحداث بوقت مبكر كلما أصبحت عواقبها أسوأ.
يعتمد الطفل الصغير بشدة على الآخرين ولذلك فإن تعرضه لموقف شديد الرعب والشعور بالعزلة قبل أن يمرن قدرته على التعامل مع هذه المواقف بمفرده قد يكون له تأثير قوي على هذا الطفل.
"يعتمد تأثير اضطراب الكرب ما بعد الصدمة على عمر الطفل".
ويمكن القول عموماً أن الأطفال الأصغر سناً يتفاعلون من خلال الدموع والغضب والقلق أما الأطفال الأكبر سناً فغالباً ما يجدون صعوبة في التركيز فضلاً عن الشعور بالذنب والهلع ويمكن أن يتحاشوا الناس (الخجل المفرط).
تبدو الأعراض في مختلف الأعمار عادة على هذا النحو:
13 إلى 18 سنة |
9 إلى 12 سنة |
6 إلى 9 سنوات |
2 إلى 5 سنوات |
الابتعاد عن العائلة والأصدقاء |
إنكار المشاعر وتجنب الحديث عما حصل
|
زيادة في العدوانية والتهيج، قد تظهر في المشاجرات والعراك والتنمر |
تكرار اللعب والحديث عما حدث |
تجنب المشاعر |
البكاء |
الشعور بالذنب ولوم الذات |
ثورات الغضب |
قلق على المستقبل |
العدوانية |
تقلبات مزاجية |
نوبات البكاء |
صعوبات مدرسية
|
ردود فعل جسدية مثل آلام المعدة والصداع |
ردود فعل جسدية مثل آلام المعدة والصداع |
زيادة في الخوف من الظلام والوحوش أو البقاء وحيداً مثلاً |
انعدام الثقة |
الحزن والعزلة والخجل |
مشاكل مدرسية |
التشبث |
اضطراب الهلع |
لوم الذات |
إنكار ما حدث |
انتكاس في قدرات الطفل |
الغضب والندم | تغيرات في الشهية | نوبات البكاء
|
|
تقلب المزاج والأنانية | اضطراب النوم |
طلب المزيد من الاهتمام |
|
الاكتئاب والأفكار الانتحارية والسلوك الخطير |
صعوبات مدرسية قد تتمثل في عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة أو المعاناة من مشاكل في الذاكرة والتركيز |
الخجل من المشاركة في الأنشطة والأشياء الأخرى الممتعة التي كان يحبها سابقاً |
|
انخفاض أو زيادة النوم |
تعبير مبالغ فيه عن الرغبة في المساعدة |
| |
انخفاض أو زيادة الشهية
|
القلق والهلع على أفراد الأسرة والمستقبل |
|
اضطراب الصدمة الحاد واضطراب الكرب ما بعد الصدمة:
Acute Stress Disorder & Post Traumatic Stress Disorder
هما اضطرابان نفسيان ويحدثان عند بعض الأشخاص بعد تعرضهم للصدمة (الحادث)، وعندما يستمر التوتر والأعراض للأقل من أربعة أسابيع مسببة بتدهور الأداء تدعى هذه الحالة (اضطراب الصدمة الحاد).
وإذا ما استمرت الأعراض لمدة أطول فإنها تسمى اضطراب الكرب ما بعد الصدمة، ويمكن للأعراض الظهور مباشرة بعد الصدمة وربما تتأخر في الظهور لعدة أيام أو أشهر من الحادث.
الأعراض:
1- تغيير الادراك:
- الشعور بفقدان الحس والخدر.
- الشعور بالدوران.
- عدم القدرة على تذكر الأشياء والأحداث.
- عدم القدرة على تذكر جوانب من الصدمة (أو الحادث).
2- الأفكار الاقتحامية:
- استرجاع المشاهد (الحادث) وهي استرجاع صور ذهنية للحادث.
- إعادة معايشة الحادث وكأنه يحدث من جديد.
- الكوابيس والأحلام المزعجة بشأن الحادث.
3- سلوك التجنب:
- القلق والخوف الشديد من الأماكن التي تذكر الشخص بالحادث.
- الخوف (غير المنطقي) من الأماكن والمواقف غير المعتادة.
- الانعزال من العائلة والاصدقاء.
- رفض الذهاب إلى المدرسة
4- التنبيه الزائد:
- الجفلة.
- التوتر والغضب المفاجئ.
- صعوبة في النوم.
-عدم الاستقرار.
لماذا يصاب البعض باضطراب الصدمة الحاد أو ما بعد الصدمة ولا يصاب البعض الآخر؟
تعتمد احتمالية إصابة الطفل بهذا الاضطراب بعد التعرض إلى حادث، على طبيعة هذا الحادث ومقدار مشاركته وقرب الطفل منه.
إن من أهم مواصفات الحادث والتي تدخل في مقدار تأثر الطفل هي:
- حجم الدمار الذي يشاهده.
- الطبيعة الشنيعة أو الرهيبة للحادث.
- فقدان أحد افراد العائلة أو شخص عزيز خلال الحادث.
- الاشتراك المباشر أو غير المباشر في الحادث.
إن احتمالية اصابة طفل باضطراب الصدمة يعتمد على سمات الطفل وخصائص العائلة:
العوامل لدى الطفل التي تزيد من احتمالية الإصابة:
- الإصابة السابقة بحالة نفسية.
- تعرض سابق لحادث أو صدمة.
- محدودية التعلم.
- محدودية مهارات التحمل.
العوامل الخارجية التي تزيد من احتمالية الإصابة:
- تاريخ مرضي نفسي لدى العائلة (الكأبة، القلق او سوء استخدام العقاقير).
- المشاكل العائلية الآنية والمزمنة.
- محدودية الإسناد الاجتماعي.
لماذا نقدم المساعدة للأطفال المعرضين للصدمات؟
ماذا يحدث إن لم نقدم الاحتياجات الصحية النفسية بالسرعة الطارئة مثلما نقدم المأوى والطعام والعناية الطبية بعد حدوث الكوارث؟
الطفل ربما:
- يبدأ بالنظر إلى العالم كمكان عدائي وخطير.
- يصبح بحالة خوف شديد مما يوثر على نموه النفسي والعاطفي.
- يصبح أقل حساسية للعنف ولديه الرغبة لتحمل مستويات أعلى من العنف في المجتمع.
- يستخدم العنف كوسيلة لحل المشاكل.
- وقد يصاب باضطراب ما بعد الصدمة.
كيفية مساعدة الأطفال المعرضين للصدمة؟
إن التدخل المبكر بعد حدوث الصدمة مهم جداً، ويساعد في التشخيص والعلاج الأطباء المختصين بالطب النفسي للأطفال والأحداث والخبراء في مجال صحة الطفل والصحة المدرسية، وهناك عدد من العلاجات المتوفرة والتي تساعد الاطفال على التعبير عما يشعرون به والبدء بتقليل مخاوفهم وقلقهم ومن ثم شفاءهم بشكل نهائي، فاللعب والفن (الرسم) والعلاجات التعبيرية الأخرى والعلاج النفسي التحليلي هي وسائل مؤثرة تستخدم من قبل المختصين لمساعدة الأطفال على التعامل مع أعراض التوتر وتقوية الاستعداد للتكيف، إلا أن بعض الحالات القليلة قد تحتاج إلى استخدام العقاقير للسيطرة على أعراض الانفعال والعنف المفرط والقلق واضطراب النوم.
إن العناية وإسناد الكبار في حياتهم، يساعد الاطفال لإعادة مشاعر الأمان، والتغلب على المشكلات والمصاعب التي تثيرها ذكريات الحادث، والبدء في الشفاء.
هناك بعض نقاط البدء في اسناد الطفل المعرض للصدمة:
- التقدير، الإصغاء والتطمين.
- احترام المشاعر.
- دع الطفل يسأل ما يشاء، وأجب حسب عمره ومرحلة نموه مع استخدام اللغة المفهومة.
- اللعب مع الطفل الذي لا يتكلم ولا يعبر عن مشاعره أو لا يسأل.
- الاستمرار في أداء المهام الاعتيادية في البيت والمدرسة.
ماذا يمكن للكبار عمله للمساعدة؟
• أخبر الطفل بأنه من الطبيعي الإحساس بالانزعاج عندما يحدث شيء سيء أو مخيف.
• شجع الطفل على التعبير عن مخاوفه وأفكاره، دون إعطاء الرأي.
• احمِ الطفل أو المراهق من التعرض ثانية لأحداث الصدمات النفسية، قدر الإمكان.
• ارجع إلى نظام الحياة العادي قدر الإمكان.
• يمكن للمدرسة أن تكون بيئة رئيسية في العلاج لأنها أهم نظام للحياة عند الطفل، أعلم موظفي المدرسة عن احتياجات الطفل، أكد للطفل بأنه/ ها لم تكن غلطته، وأن الكبار سيعتنون به/ها، إلخ.
• اسمح للطفل بالشعور بالحزن أو البكاء.
• اعطِ الطفل الإحساس بالتحكم والاختيار بتقديم عدة خيارات معقولة له/ها عن الأنشطة اليومية (اختيار وجبات الطعام، الثياب، إلخ.)
• إذا تراجع الطفل (أو بدأ بالقيام بأشياء كان يقوم/تقوم بها في عمر أصغر)، يمكن للكبار المساعدة، والتذكر بأن هذه الحالة هي ردة فعل شائعة للصدمة النفسية، وأن لا ينتقدوا أعماله/ها.
يستطيع الكبار أن يكونوا على أكبر قدر من المساعدة إذا اعتنوا بأنفسهم وطلبوا المساعدة لأن الأطفال والمراهقين يمكن أن يتجابوا مع أحاسيس الكبار وردود فعلهم.
يشفى معظم الأطفال والمراهقين خلال بضعة أسابيع بمثل هذه المساعدة. ولكن يمكن أن يتطلب بعض الأطفال الآخرين المزيد من المساعدة.
يمكن للكبار المسؤولين الذين ينتابهم القلق على ردة فعل طفلهم نتيجة صدمة نفسية قوية أن يفكروا بطلب المساعدة لهم من خبير مختص بالصحة العقلية المتدرب على مساعدة الأطفال الذين يعانون من ردود فعل صدمة نفسية أو خلل وظيفي بعد تعرضهم لصدمة نفسية.
يمكن لجلسات العلاج أن تكون فردية، جماعية أو أسرية، وتشمل على الحديث، الرسم والكتابة عن الحادثة. في بعد تعرضهم لصدمة نفسية
مؤشرات لتداخلات أكثر عمقاً وتخصصاً:
· عندما لا تظهر أي علامات لتحسن ردود الفعل: بعد حادثة الصدمة تتراجع حدة التوتر إلى مستويات طبيعية كما تتراجع أعراض التوتر مع مرور الوقت (وقد تكون أسابيع) ولكن إذا استمرت ردود الفعل بالظهور أو استمرت في حدتها لأكثر من أسبوع دون أي علامات للتحسن فإن هذه مؤشرات لوجود ردة فعل مرتبطة بالتوتر والتي تتطلب تحويلاً إلى رعاية مختصة
· ازدياد حدة الأعراض: يعود الأطفال عادة إلى سلوكياتهم الطبيعية في الأيام والأسابيع الأولى بعد الحد الصادم حيث يظهر الكثير من الأطفال بعد الحدث الصادم حالة صدمة ومفاجأة تقل حدتها مع الوقت ولكن ما لم تخف هذه الحدة فهذا يعني أنها ربما تحولت إلى ردة فعل أكثر تعقيدا ويجب عندها تحويله إلى خدمة أكثر تخصصا
· عندما تكون الأعراض مزعجة جداً للعائلة والطفل: في هذه الحالة من المهم الاجتماع مع العائلة لتحديد مدى حدة المشكلة وتاريخ المشكلات النفسية في العائلة وعلاقة العائلة مع الفرد الذي يعاني من المشكلة
· عندما تتدخل الأعراض وتؤثر في الروتين اليومي للطفل أو الأداء المدرسي: عندما لا يتمكن الطفل من العودة إلى أجواء المدرسة فإنه من الضروري عمل مقابلة فردية معه ليعبر عما يقلقه أو يخيفه أو حتى عن توقعاته
· وجود احتمال إيذاء الذات أو إيذاء الاخرين: الذي لا يمكن التعامل معه في مستوى الرعاية الأولية إنما هو بحاجة إلى خدمات متخصصة
· عدم استجابة الطفل لخدمات الدعم النفسي
· الانتكاسة: أو ظهور أعراض أو ظروف جديدة عند الأطفال الذين استقرت حالتهم
· عدم وضوح التشخيص: وذلك لطلب الاستشارة والنصح حول التقييم وضمان تقديم الخدمة المناسبة
· الأطفال الذين لديهم مشاكل الصحة العقلية المزمنة
من أنواع العلاجات المتخصصة:
- المعالجة المسرعة للصدمة عند الأطفال:
المعالجة المسرعة للصدمة عند الأطفال واختصارها "كات" CATT تعتبر إحدى بروتوكولات العلاج المعرفي والتي تستخدم طرق تتمركز حول الطفل وتدمج تقنيات تعتمد على اللعب والفنون وذلك بهدف مساعدة الأطفال في معالجة وإعادة ترتيب ذكريات الصدمة بطرق مريحة لهم وملائمة لعمرهم
"كات" تعتمد في طريقتها على آلية الذاكرة وذلك بهدف علاج أعراض اضطراب الكرب ما بعد الصدمة، وتهدف لأن تكون شاملة وذلك عن طريق التطرق إلى جميع احتياجات وظروف الطفل مع التركيز على علاج أعراض اضطراب الشدة ما بعد الصمة
"كات" CATT تنظر إلى العلاقة بين المعالج والطفل على أنها شراكة تتصف بالاحترام حيث أن الطفل هو الخبير في حياته ومتطلباته والمعالج من يملك المعرفة والخبرة
الفائدة من هذا الأسلوب أنه لا يعتمد بشكل كبير على القدرة اللغوية أو المعرفية ولهذا فإن هذا الأسلوب يعتبر مقبولا من قبل مختلف الثقافات
تم استخدام هذا العلاج من قبل خدمات الصحة العقلية في المملكة المتحدة، أفريقيا والشرق الأوسط
قائمة المراجع:
1- الجمعية العراقية للصحة النفسية للأطفال بالتعاون مع المراز الوطني الطبي للأطفال – قسم الطب النفسي – المراز الدولي لشفاء أطفالنا، واشنطن www.iacmh.org
2- الأطفال والحرب الدعم النفسي الاجتماعي خلال الأزمات والكوارث، مركز التفكير الحر للنشر، إعداد أحمد شيخاني.
3- كتيب تدريبي للمختصين النفسيين في (المعالجة المسرعة للصدمة عند الأطفال).
4- كتيب (العيش والعمل مع الأطفال الذين يعانون من اضطراب الكرب ما بعد الصدمة).
5- الاعتناء بصحتنا النفسية منظمة الصحة العالمية 2021.