إدمان التفكير

إنشاء بواسطة أسعد الخضر في مقالات تخصصية 20 نوفمبر 2023
مشاركة

إدمان التفكير / التفكير المفرط


إعداد المعالجة النفسية سحر الشامي


 


مقدمة:


ينتج العقل الأفكار مثلما يضخ القلب الدم أو مثلما ينتج البنكرياس الأنسولين. هذه هي طبيعة العقل؛ وظيفته.


تتكون الأفكار بطرق غامضة في دهاليز وعينا وتبدو كأنها تظهر من العدم وبالتأكيد لا تطلب الإذن منا لتدخل الى الوعي. إن واقع ظهور أفكار دخيلة بشكل دائم وعشوائي وغير مرغوب فيه في وعينا يشكل تحديا كافيا، ولكن عندما نجمع هذه الحقيقة مع حقيقة إيماننا بأننا يجب علينا أن نتفاعل مع هذه الأفكار الدخيلة غير المرغوب فيها وفهمها، ينتهي بنا الأمر مع تحدٍّ أكبر بكثير من مجرد ظهور الأفكار العشوائي. ينتهي بنا الأمر بفقدان تحكمنا في انتباهنا.


نظل ركابا في طائرة حياتنا وليس الطيارين.


إذا نظرنا للجوانب التي نوقشت في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية والنفسية (DSM5) للجمعية الأمريكية للطب النفسي وطبقناها على التفكير باعتباره إدمانا، اسأل نفسك:


-        هل يؤثر التفكير، أحيانا، بشكل سلبي على سعادتي العامة؟


-        هل تسبب التفكير في مشاكل في علاقاتي؟


-        هل أهملت مسؤوليات العمل أو المنزل بسبب التفكير؟


-        عندما ألاحظ أنني لم أفكر، هل أشعر بالخوف والقلق أو الإفراط المفاجئ في التفكير؟


-        هل أجد نفسي أفكر أكثر وأقضي فترات زمنية أطول بالتفكير؟


-        هل حاولت تقليل تفكيري ولكني لم أتمكن من فعل ذلك؟


-        هل أقضي الكثير من الوقت في التفكير؟


-        هل أدى تفكيري الى مشاكل صحية جسدية أو نفسية أو قق أو اكتئاب؟


-        هل قللت أو توقفت عن ممارسة الأنشطة التي كنت أستمتع بها سابقا من أجل قضاء المزيد من الوقت في التفكير؟


-        هل أتطلع الى التفكير أو أتوق إليه أبدا؟


إذا كنت مثل معظم الناس، ستكون أجبت بنعم عن ستة أو سبعة من هذه الأسئلة، حيث يتسبب التفكير المفرط بمشكلات في حياتك ويخل بالسعادة العامة. سواء كان ذلك بسبب كثرة التفكير أو مضمون ما تفكر فيه، فالتفكير المفرط يسبب أيضا مشاكل في علاقاتك وعملك وصحتك وعافيتك العامة.


يعد التفكير مثل أي إدمان آخر ومن الجدير بالذكر هنا، أنه مهما كنت تعاني كنتيجة لتفكيرك، فإنك تستمر في التفكير بنفس الإيمان الراسخ بأن التفكير سيوفر الحل لأي مشكلة تزعجك على الرغم من وجود دليل قاطع على أن الكثير من تفكيرنا ليس مثمرا ويجعلنا في الواقع أكثر قلقا وتوترا وتعاسة.


تستمر في فعل الشيء نفسه الذي يؤذيك بينما تأمل في نتيجة مختلفة، إنك تفعل ما كنت تفعله دائما وتجني دوما نفس النتائج.


 


ما هو التفكير الزائد/ المفرط:


تم تعريف التفكير الزائد على أنه التفكير بشكل كبير في شيء محدد وقد يستمر لفترة طويلة، مما يسبب القلق، الإجهاد، الخوف، الرهبة.. الخ. مما قد يؤدي الى الحد من العمل والإنجاز بشكل كامل والذي يؤثر على قدرة الفرد في ممارسة حياته اليومية.


يعتبر التفكير المفرط مصطلح سيكولوجي يرتبط بعلم النفس، وهو اضطراب نفسي يحدث للشخص عندما يمر بفترات عصيبة وصدمات نفسية عديدة، ينتج عنها التفكير المفرط أي التفكير المستمر في لا شيء، فهذه الأفكار تلازم الشخص كل يوم ولا تترك له مجال للاستراحة، فهو يفكر ويفكر ولا يفكر في شيء يذكر.


 


كيف أتخلص من إدماني على التفكير/ أو التفكير المفرط:


أولاً: الوعي بعلاقتك مع الأفكار:


ويتم ذلك من خلال القبول (بأن عقلك سينتج الأفكار دائما) والانفصال (عليك أن تفصل بينك وبين أفكارك؛ فأنت لست أفكارك، وأفكارك ليست أنت).


ويتم ذلك من خلال عدة تمارين تستخدم في الدعم والعلاج النفسي هدفها أن تزيد فيها من الوعي واليقظة الذهنية بنفسك مثل:


-        تمرين رؤية الأفكار مثل طيور بالسماء.


-        تمرين وضع الأفكار ببالونات وإطلاقها للسماء.


-        تمرين كتابة الأفكار على ورق شجرة خريفي والقائه بنهر جار ومراقبة الأفكار وهي تبتعد عنك.


-        تمارين "هنا والآن".


-        تمرين تركيز الانتباه على شيء.


-        تمرين النظر دون إصدار أحكام.


-        تمرين أعد توجيه انتباهك.


وغيرها الكثير من التمارين التي تختلف باختلاف نمط التفكير المفرط الذي تفكر فيه، هل هو كارثي؟ أم تشاؤمي؟ شخصي؟ أم لوم ذات؟ وغيرها من أنماط التفكير الإدمانية.


ثانياً: اسمح لنفسك أن تشعر بالمشاعر:


المشاعر من حقنا، ولكن تصرفاتنا هي مسؤوليتنا، من المثير للدهشة أننا لم نتعلم أبدا كيف نشعر بالمشاعر، حتى إن معظم الناس لا يدركون أن التفكير في العواطف ليس مثل الشعور بها. نحن نحب أسئلة لماذا: لماذا نشعر بالطريقة التي نشعر بها؟ نحاول منطقة المشاعر بالتفكير عن أسباب وأساليب تجنب للشعور بها ولكننا نهرب من أسئلة ما: ما الذي نشعر به بالفعل؟


في الواقع، الطريقة الوحيدة للتغلب على المشاعر الصعبة هي الشعور بها وليس التفكير بها وحولها.


تقبل وجود المشاعر في جسدك كجزء من تكوينك واسمح للشعور أن تشعر به، أين يكمن هذا الشعور؟ في أي جزء من جسدك؟ ولاحظ كيف ينتهي بعد فترة وينتهي، فالمشاعر مثل موج البحر تأتي وتذهب ولا تطيل بقاءها إلا إذا انشغلت عن الشعور بها الى التفكير فيها.


هناك عدة تمارين ممكن أن تساعدك على استكشاف الشعور والشعور به حقا، ممكن أن يساعدك أخصائي في الممارسة الصحيحة لهذه التمارين، نذكر منها:


-        تمرين اسأل الجسد.


-        تمرين تجسيد الشعور.


-        تمرين استقبال الشعور.


ثالثا: الاسترخاء والتأمل:


ممارسة 15-20 دقيقة من التأمل الصباحي يمكن أن يكون له تأثير كبير على إبقاء عقلك في الوقت الحاضر وبالتالي التخلي عن أفكارك. كما تساعدك تمارين الاسترخاء بالتواصل مع جسدك أكثر وبالتالي الانفصال عن عقلك وأفكارك، وهناك الكثير من تمارين الاسترخاء التي يمكن أن تستخدمها نذكر منها:


-        تمرين التنفس العميق والتركيز فيه.


-        تمرين الاسترخاء العضلي.


-        تمرين من رأسك إلى جسدك.


رابعاً: اعتن بنفسك:


اعتن بنفسك أولا، واعتن بنفسك بعد كل شيء. الانشغال بالعناية بالذات يجعلك في حدود الحاضر ويرفع مناعتك النفسية وتقديرك لذاتك، إليك بعض الخطوات:


-        مارس الرياضة بانتظام.


-        اعتن بنوعية أكلك واحرص على الطعام الصحي الغني بالفوائد والفيتامينات والمعادن وابتعد عن السكريات والنشويات قدر المستطاع.


-        خذ أدويتك بانتظام، إذا كان لديك أي مرض مزمن.


-        نظم نومك واحرص على النوم ليلاً لفترة كافية (6-8 ساعات).


-        ابتعد عن المواد المخدرة والسجائر.


-        مارس هواياتك.


-        خصص لنفسك وقتا تمارس فيه شيئا محببا لك.


-        انخرط بنشاطات اجتماعية متعددة.


خامسا وأخيرا: اطلب المساعدة


فالمساعدة المتخصصة ستساعدك على تحسين حياتك وتجاوز الصعوبات التي يسببها لك التفكير المفرط.


 


قائمة المراجع والمصادر:


-        كوليير، نانسي (لا أستطيع التوقف عن التفكير)، مكتبة جرير، 2023


-        الميموني، حمزة (التفكير المفرط)، مكتبو كتوباتي أونلاين، 2023


-        الأمين، د.حذيفة أحمد (تخلص من التفكير الزائد)، http://noor-book.com/2pfdym

التعليقات (0)

مشاركة

update.share_this_post_with_others